مجلة العودة

إعلاميون لـ"العودة":الاهتمام الإعلامي بقضايا اللاجئين موسمي وخجول

إعلاميون لـ"العودة":الاهتمام الإعلامي بقضايا اللاجئين موسمي وخجول

لبابة ذوقان - نابلس

لأنهم من ينقلون الحقيقة للعالم، ولأن العالم يرى ما يحدث على أرض فلسطين المحتلة من خلال عدسات كاميراتهم ومن بين ثنايا كلماتهم، كان حقاً على الصحفي والإعلامي الفلسطيني أن يكون جديرا بحمل الأمانة، وإيصال الحقيقة لكل الميادين، ويوصل صرخة اللاجئ الذي هجِّر من أرضه قصرا منذ 65 عاما لتسمعها أصقاع الدنيا.. أنا لا زلت هنا أتنفس يافا وحيفا وصفد.. لا زالت بلادي تسكنني رغم البعد ورغم التهميش ورغم المؤامرة..!

فلا زالت قضية اللاجئين تراوح مكانها منذ قرون، تتلقفها طاولات المفاوضات حينا، وصفحات المجلات والصحف والكتب أحيانا أخرى، لكن لا شيء تغير، ولم يطرأ على واقع اللاجئين سوى مزيدا من التعاسة والفقر وقلة ما باليد، مما يلقي مسئولية أخلاقية ووطنية وإنسانية أكبر على أصحاب الرسالة الإعلامية، فهم وحدهم من يستطيعون مخاطبة العالم دون قيود أو حدود.

"العودة" حاورت عددا من الخبراء الإعلاميين الفلسطينيين وتناولت معهم قضية الدور الذي لعبه الإعلاميون ووسائل الإعلام خلال عام 2012 على صعيد قضية اللاجئين وحق العودة، حيث رأى بعضهم أن متابعة الإعلام لهذه القضية كانت موسمية لطبيعة تزاحم الأحداث على الساحة الفلسطينية والعربية، ورأى آخرون أنها تغطية خجولة في معظم الأوقات، بينما دعا إعلاميون لضرورة تفعيل دور الإعلام الجديد لخدمة قضية اللاجئين وحقهم بالعودة.

الكاتب والإعلامي الفلسطيني مصطفى الصواف، أشار إلى أن الإعلام الفلسطيني مشتت في تغطية الموضوعات لأنها جميعا ذات اهتمام، وقال:"في بعض الأحيان يسلط الضوء على قضية العودة فيتحول الإعلام نحوها ويركز عليها، ثم يأتي موضوع المقاومة فيتحول إلى المقاومة، ثم تكون قضية الأسرى، وهكذا، لذلك علينا أن ندرك هذه المعادلة، فكل القضايا نالت الاهتمام في وسائل الإعلام ولكن بشكل يعلو ويخبت حسب تفعيل القضية أو وجود قضايا طارئة في لحظة زمنية معينة".

وأضاف:"التقصير أمر وارد بالعمل الإعلامي ولكن لا يوجد إهمال لقضية على حساب قضية، قضايانا متشعبة وبحاجة إلى الكثير من التغطية والى كثير من الاهتمام ولكن أمام قلة الإمكانيات والظروف المختلفة أعتقد أن الإعلام لم يهمل قضية اللاجئين وتعامل معها كبقية القضايا التي لا تقل أهمية عن بعضها البعض".

دور الإعلام الحديث

بدوره عد الباحث الإعلامي سليمان بشارات أن مفهومنا للإعلام والدور الذي يلعبه بات يأخذ منحنيات مختلفه عما كان عنه في السنوات الماضية، فالإعلام التقليدي (الصحف والفضائيات والإذاعات) باتت منشغلة اليوم بشكل كبير في المناكفات السياسية وفي رصد وتحليل تطورات الربيع العربي والتغييرات الدولية، وذلك على اعتبار هذه الأحداث هي من يسيطر على المشهد الإعلامي ويفرض أجندته الآن، مع بقاء وجود بعض المساحات الضيقة لبعض القضايا المركزية الأخرى ومنها مثلا القضية الفلسطينية وما يتصل بها من حق العودة واللاجئين ومعاناتهم. لكن إذا ما قيس هذا الاهتمام بأهمية هذه القضية "اللاجئين وحق العودة" فهذا يجعلنا نقول أن هناك خفوت لنجم هذه القضية في وسائل الإعلام التقليدي".

وأضاف بشارات في حديثه لـ"العودة":"على الطرف الآخر، بات هناك الإعلام المجتمعي، والإعلام الحديث والمتمثل في مواقع التواصل الاجتماعي، وهذا الإعلام هو من بات يمتلك زمام الاهتمام والمبادرة في القضايا التي بات الاعلام التقليدي يقلل من مساحات الاهتمام بها، فمثلا إذا ما تابعنا قضية مسيرات العودة إلى فلسطين، وكذلك ما تتعرض له مدينة القدس المحتلة وما يحدث في ففلسطين المحتلة عام 48 من عمليات تضييق وحرمان للحقوق، وكذلك تهجير العائلات الفلسطينية في العديد من الخرب بالضفة الغربية، كل هذه الموضوعات تثار بشكل كبير عبر مواقع التواصل الاجتماعي وهي صاحبة السبق في الحديث عنها والتركيز عليها ونقلها للعالم".

ولفت الخبير الإعلامي إلى ما تعرض له اللاجئون الفلسطينيون في مخيمات الشتات سواء فلسطينيو العراق أو البرازيل أو ما يتعرض له فلسطينيو مخيم اليرموك بدمشق، كل هذا أسهم الاعلام المجتمي في متابعته وطرحه بشكل أكبر من الإعلام المجتمعي، وهذا يجعلنا نقول في أنه لا بد من الانتباه إلى دور الاعلام الحديث والإمكانيات التي يطرحها في سبيل إبراز القضايا التي لم يعد الإعلام التقليدي يفرد لها مساحات كافية، حسب قوله.

غياب الإبداع الإعلامي..

أما الإعلامي الفلسطيني نواف العامر فأشار إلى أن الاهتمام الرسمي الفلسطيني باللاجئين موسمي، وهذا ينعكس على غياب وضعف الدور الشعبي والإعلامي بالقضية.

وقال في حديث لـ"العودة":"عام 2012 كبقية الأعوام الحزينة الستة من عمر الانقسام على وجه التحديد بشأن مشاركة وسائل الإعلام والعاملين في الانقسام الفلسطيني ودفاعها عن أطراف الانقسام وتبني وجهة نظرها، ما أثر سلبيا على القضايا الوطنية العامة، كاللاجئين والأسرى والاستيطان وغيرها".

وأضاف:"برأيي أن الإعلاميين ووسائل الإعلام الفلسطينية المنوعة وغيرها لا زال اهتمامهم بالقضية لا يختلف كلية عن اهتمامه وتغطيته بالقضايا الوطنية الأخرى إن لم يكن أقل حضورا وأهمية، فالإعلام المكتوب والمرئي والمسموع اهتمامه لحظي عاطفي موسمي وليس إبداعيا ولا مبادرا، وسائل الإعلام وممثليها تنتظر وتتلقى الدعوات لحضور محاضرة أو ندوة أو ورشة عمل أو اعتصام احتجاجي على تقليص خدمات وكالة الغوث مثلا، ويتضح أن التغطية العامة عنوانها نمطي تقليدي لا يلامس الإبداع وإبقاء روح الحيوية فيها، ولا يقوم على أساس إبقائها على نار هادئة، البعض الإعلامي يقوم بالسلق والشواء، يعتمد على القشور واللحاء دون الخوض في قلب الحدث والحالة، صحيح أن هناك تغطيات إعلامية لكنها تتسم بالخجولة، تتسم بالمعالجة السطحية، لا تجرؤ على خوض غمار التغطية الاستقصائية العميقة ومعالجة الخلل والحالة المرضية".

وأرجع العامر سبب الضعف في التغطية لرغبة وسائل الإعلام بعدم فتح معركة مع وكالة الغوث حتى لا تحرم من حجم الإعلانات في صفحاتها وبالتالي ضياع مبالغ مالية هائلة من رصيدها، إضافة إلى تجنب الإعلام للصدام مع الجهات الرسمية المعنية بالهدوء مع وكالة الغوث ومن خلفها، بمعنى صمت مزدوج على حساب القضايا العامة.

وتحدث العامر عن الدور الذي يلعبه الإعلام الجديد في قضايا اللاجئين مشيرا لوجود تحسن ملحوظا على التغطيات شهودها وحضورها إعلاميين وناشطين وحقوقيين لكن لها نوع من التأثير والتوعية المقبولة، حضور تجاوز بعض المعيقات والحواجز، لكن المشوار لا زال طويلا والبون شاسعا، فالقضايا المركزية تحتاج جهودا متراصة ودعما يوازي أهمية القضية، مشيرا إلى أن هناك محاولات جيدة تتمثل بالنشرات الدورية ضيئلة الانتشار تصدرها جهات غير حكومية وتوزع مع الصحف اليومية لكن حجم انتشارها وتأثيرها محدودا إن لم يكن نخبويا تخصصيا فحسب.

وأكد العامر على ضرورة عدم إغفال المعيقات والهواجس التي تحد من تواصل وإغناء التغطية الإعلامية للقضية منها على سبيل المثال، قلة عدد الباحثين المتخصصين في اللجوء، والتي الذي يحيق بالمراكز المتخصصة، إضافة الرفض المتكرر والحساسية التي تبديها وكالة الغوث في التعامل مع الإعلام من جهة وتعاملها مع العاملين فيها بشأن النشاط السياسي من جهة أخرى، وهيمنة اللون الواحد على لجان الخدمات في مخيمات الضفة، وضعف شبكة العلاقات العامة في لجان الخدمات وتواصلها مع الإعلام باستثناء مخيمات نابلس بشكل أقل".

تزاحم الأحداث..

أما الصحفية الفلسطينية حنان اشتية فأكدت على موسمية الاهتمام بقضايا اللاجئين بالإعلام الفلسطيني، مرجعة السبب لتزاحم الأحداث في فلسطين والعالم العربي بشكل عام، وقالت:"أكبر مثال على ذلك تسليط الضوء على معاناة اللاجئين في مخيم اليرموك بسوريا بعد الأحداث التي وقعت هناك وارتقاء عشرات الشهداء والجرحى من اللاجئين الفلسطينيين، حيث تم تسليط الضوء عليه بشكل كبير، لكن الأمر سيمر بعد أسابيع قليلة وسينسى كما نسيت قصص أخرى في مخيمات اللجوء".

وأضافت:"إعلامنا الفلسطيني موجه، وهمه أخبار الساسة وأنشطتهم، والهم الأكبر له هذه الأيام هو موعد صرف الرواتب وتلقي المساعدات، وهذه القضية قد تدفع الناس لنسيان قضية اللاجئين وعدم التفكير بها أصلا".

وتتابع:"هناك بعض الجهات أو المؤسسات والمكاتب الصحفية تهتم وتروي وتكتب قصص ومعاناة بين فترة وأخرى عن اللاجئين، إلا أن الدور الإعلامي الفلسطيني ككل غير كافي للتغطية الملمة بجميع نواحي الحياة للاجئين، هناك الكثير من الأمور والقصص التي تحتاج ليس فقط لكتابتها بل توثيقها ونشرها للعالم بالصوت والصورة والقصص الواقعية". ♦