مجلة العودة

عيدُ الشّتات والمخيّمات!

عيدُ الشّتات والمخيّمات!

 

لا يشبه عيدُ الفلسطيني العيد! تختلفُ عليه الجغرافيا منذ أكثر من ستة عقود. تتجدد المأساة دون أي وهج لما تحمله كلمة (الجديد)، يحمل حقائب أيامه وأحلامه، وقد لا يمكّنه الظرف السيّئ والحروب المتواصلة ورحلة التهجير المستمرة من لملمة شيء من ذكرياته أو بعض ملابسه.

 

ليس المقام هنا لحروف البكاء، بل لتوصيف حال الألم إنْ كان ممكناً توصيفه. وقد لا يكونُ متاحاً أمام السطور إلا ذلك إن تيسّر ذلك، في وقتٍ يقول فيه كثير من المهجّرين إنّ واقع الحال أبلغ من وصف المقال، ويضيف البعض: إذا كان الكلامُ لا يُجدي، فالصّمتُ أجدى!

 

لا نبتعدُ عن الأمل حين نقترب أكثر من الألم، ولا ننشر اليأس حين نقرّب الصورة أكثر على حالة إحباط تتشابه في سؤال الشاعر المصري لحيفا عن ساعة الخلاص: متى وكيفَ؟

 

حالةٌ اقتربت ذات يومٍ في الشهر الماضي حين تساءلت في وسط هذا البحر المتلاطم من الأنباء الموجعة عن حال الفلسطيني في أكثر من مكان: من هو الفلسطيني الأكثر بؤساً؟

 

ولقد طافت بي الذّكرى إلى أكثر من محطة، وحلّقت بي الآلام إلى أبعد من الواقع الذي نعيش!

 

عيدُ اليوم يمرّ ومفاتيح بيوت في المخيمات لا تزال في جيوب أصحابها، كما هي مفاتيح منازلهم في فلسطين، فتضاعف الألم وازداد الوجع.

 

في عيد الفطر الذي يقبل على أيّامنا بفرحة ممجوجة، وضحكات مخنوقة، وأجساد متعبة تبحث عن أرضٍ تنام عليها وسقف يغطيها، أو خيمة تؤويها كما يحدث للعائلات التي أعادت فصول التهجير بتفاصيل مختلفة ونتائج متشابهة.

 

العيدُ يطرقُ الباب، وأبواب القلوب أقفلتها الهموم، وخيام الصدور لا أبوابَ لها، غيرَ أنّ الأملَ بالله أن يكشف الغمّ ويرفع الهمّ، ويهيئ لأوطاننا أمر خير، ولشعبنا الغالي ما يعينه على الصمود أمام رياحِ الاقتلاع والتدمير.

 

التحرير