مجلة العودة
أولستُ لاجئاً؟
 
 
علاء برغوث - دمشق

أولستُ لاجئاً؟ سؤال قد يوحي للوهلة الأولى أن اللجوء ميزة يُحسد عليها صاحبها. كلمة لاجئ كانت ولا تزال تختزل كل معاني وأشكال الألم والقهر والحزن عند عموم اللاجئين، وخصوصاً الفلسطينيين؛ فعندما يقرأ الفلسطيني عن شيء يقال له حقوق اللاجئين في القانون الدولي لحقوق الإنسان، والاتفاقية الدولية للاجئين،  والقانون الإنساني الدولي، يشعر بأنه بعيد عمّا ضمنت له تلك المصادر، رغم أنه بحسب تلك التعريفات هو لاجئ يحمل كل الصفات التي وُسم بها اللاجئون.
فعلى سبيل المثال لا الحصر، هناك حق يسمى حق الحماية الدولية، التي تشمل جميع الأنشطة التي من خلالها تأمين حقوق اللاجئين، ويمكن هذه الأنشطة أن تتضمن أنشطة تقديم المساعدات، فتتبادر إلى أذهاننا صورة اللاجئ الفلسطيني في العراق وما تعرّض له، وما زال، بعد سقوط نظام الرئيس العراقي صدام حسين حتى الآن في مجمع البلديات وغيره من اعتقالات وسوء معاملة يجعل اللاجئ الفلسطيني يشك في كونه لاجئاً، ويجعله يطرح سؤالاً: أولست لاجئاً؟
ولا عذر لمن يقول بأن تلك التصرفات ما كانت لتقع لولا وقوع العراق تحت الاحتلال؛ فلا يمكن أن نأخذه مثالاً فنسأله: هل قرأت أخبار اللاجئين الفلسطينيين من العراق في دول الشتات الثاني، سواء في بعض دول الاتحاد الأوروبي أو أمريكا اللاتينية وما تعرضوا له من انتهاكات لحقوق الإنسان من اضطهاد واغتصاب وقتل وتهديد والخافي أعظم كما يقال، ما يجعل السؤال أكثر إلحاحاً: أولست لاجئاً؟
 وعندما نسمع بشيء يسمى حق حرية الحركة للاجئين، قد يضحك اللاجئون الفلسطينيون حتى يغمى عليهم، وخصوصاً اللاجئين في البلدان العربية، ذلك الضحك الذي ينطبق عليه المثل القائل: "شر البلية ما يضحك"، فأي حرية للحركة عندما يعاني اللاجئ الفلسطيني الأمرين لزيارة إخوته في بعض البلدان العربية، بل إنه يمنع من زيارة الكثير من تلك البلدان، فيسأل اللاجئ الفلسطيني: أولست لاجئاً؟
ولحق عودة اللاجئين إلى وطنهم قصة أخرى، قصة مليئة بالغدر والتحريف  والتآمر والخيانة؛ فحق (العودة) مضمون لليهود، وفق ما يسمى (قانون العودة) الصادر عام 1950 عن الكيان الصهيوني الذي مفاده أنه "يحق لكل يهودي القدوم إلى (إسرائيل) والحصول على مكانة مواطن".
والمضحك المبكي أن هناك من يدعم حقه ويسانده، ولعل كلمات الرؤساء الأمريكيين في مؤتمر إيباك الصهيوني خير دليل على هذا الدعم، فيما يمنع اللاجئين الفلسطينيين من العودة إلى ديارهم، رغم أن حق عودة اللاجئين إلى بلدانهم حق مكفول في القوانين الدولية؛ فعندما يعود اللاجئ اليوغوسلافي واللاجئ الأفريقي إلى وطنه، ويبقى اللاجئ الفلسطيني مشرداً يعاني مرارة اللجوء، يسأل اللاجئ الفلسطيني: أولست لاجئاً؟
وإن أردنا أن نعرّج على حق العمل، نتذكر اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، وقانون العمل الجائر الذي يمنع اللاجئ الفلسطيني من مزاولة نحو 70 مهنة رئيسية، فيسأل اللاجئ الفلسطيني: أولست لاجئاً؟
ولو أردنا البحث في باقي الحقوق، لكان ذلك ضرباً من الجنون في نظر البعض، لكني سأعرض بعض هذه الحقوق، وهي: حق السكن وحق التعليم وحق التماس اللجوء والتمتع به وحق التعويض وغيرها.
فبعد مرورنا على تلك المفارقات، يصبح من حق كل لاجئ فلسطيني أن يسأل: أولست لاجئاً؟ وعلى أصحاب الحل والعقد التجرؤ على الإجابة إن كانت لديهم.  ♦