مجلة العودة

من صحافتهم: حزب العمل «دُفنَ دفنة حمار»!! - عباس إسماعيل

حزب العمل «دُفنَ دفنة حمار»!!

عباس إسماعيل/ بيروت

حظيت خطوة الانشقاق عن حزب العمل التي قام بها رئيس الحزب نفسه وزير الدفاع إيهود باراك بتغطية إخبارية وتحليلية واسعة في الصحف العبرية، سعياً منها إلى سبر غورها والوقوف على دلالاتها وتداعياتها، ولا سيما ما يتعلق منها بمستقبل حزب العمل، والحكومة. وفيما شنّ عدد كبير من الكتّاب في الصحف العبرية حملة انتقاد لاذعة على باراك، على خلفية خطوته التي وُصفت بالدنيئة والنتنة، انتقد عدد آخر من الكتّاب الحملة الشعواء التي تعرض لها باراك، ليس من باب الدفاع عنه، بل من منطلق تشكيكهم بموضوعية ومهنية المنتقدين الذين لم ينتقدوا زعماء اليمين عندما انشقوا عن معسكرهم، واضعين حملة الانتقادات على باراك ضمن سياق سياسي وحزبي ضيق، ضمن سياق الاعتبارات المتصلة بسلم القيم والمبادئ والأخلاق السياسية.

وقد رأى المحلل السياسي في صحيفة يديعوت أحرونوت، ناحوم نرنيع، أن حزب العمل مات في العام 2000، ولكنه دُفن مع انشقاق باراك فقط. وأضاف أن هذا الحزب التاريخي الذي أقام الدولة وصممها بروحه دُفن دفنة حمار.

وبحسب نرنيع، فإنه في الخطوة الأولية لباراك، أنقذ حكومة نتنياهو من سقوط شبه مؤكد. لكن ليست الحكومة وحدها هي التي نجت، بل باراك أيضاً، ذلك أن خروج العمل من الحكومة لم يكن سينطوي فقط على التنازل عن حقيبة الدفاع وعن مكانته الرفيعة في «إسرائيل» وفي العالم، بل كان سيؤدي- آجلاً أو عاجلاً- إلى إطاحته من قيادة حزبه.

باراك رجل الهدم

ووصف المحلل السياسي في معاريف، عوفر شيلح، باراك بأنه «رجل الهدم»، وقال إن «الموعد الدقيق لوفاة حزب العمل هو اليوم الذي اختار فيه عمير بيرتس، الأمل الأخير للحزب لتغيير صورته – حقيبة الدفاع. كل ما حصل بعد ذلك كان محتمًا: انهيار بيرتس، إعادة انتخاب باراك، الفعل الانتحاري الذي وضع فيه حزب يدعي الحكم على رأسه السياسي الأقل عطفاً في «إسرائيل»؛ الهزيمة في انتخابات 2007، منازعة الحياة البشعة. كل شيء كان متوقعاً، وهدامو الحزب ومخربوه استخدموه بالفعل حتى النهاية».

واتهم شيلح باراك بأنَّ كل ما يريده هو أن يكون وزير دفاع، لأن البديل هو أن يختفي في بيته ويتوجه إلى أشغاله الخاصة، والسؤال برأي شيلح هو: «لماذا يتمسك باراك بكرسيه بثمن كل الإهانة، إذا قدرنا أنَّ ثمة شيئاً غير انعدام الرغبة في العودة إلى البيت؟ فالحقيقة هي أن باراك هو وزير دفاع عديم الأهمية. تأثيره على الخطوات الأساسية لعهده، مثل «رصاص مصهور» كان طفيفاً. ولم يقد أي تغيير ذي مغزى في الجيش الإسرائيلي، ما عدا الإفساد الفظيع للعلاقات مع رئيس الأركان. وهو لم يبث في هيئة الأركان روحاً جديدة، لم يغير التشويهات في التجنيد وفي الخدمة، لم يتخذ قراراً واحداً يمكن أن يذكر له. في ضوء كل هذا، يجدر بنا أن نأمل أنَّ كل ما يبقيه هناك هو بالفعل عدم الرغبة في الاختفاء عن المنصة وليس قراراً للنزول منها بفعل حربي محمل بالمصيبة، كذاك الذي حذر رئيس الموساد منه مؤخرا فقط».

بدوره، رأى محلل الشؤون الحزبية في معاريف، شالوم يروشالمي، أن باراك «صفّى نهائياً حزب العمل لكنه أيضا انتحر سياسيًّا. ليس هناك من يتعاطى بجدية مع الحزب الذي أقامه، «الاستقلال» كما يسمى، ولا حتى باراك نفسه. ليس هناك من يعتقد أنه حقًّا سيتنافس في الانتخابات القادمة. الكل يفهم أن باراك أصبح في واقع الأمر دائرة وهمية في الليكود، ستتبدد حتى الانتخابات، حين ستختفي تمامًا».

ويرى يروشالمي، أن «المنتصر الأكبر في هذه الأثناء هو بنيامين نتنياهو، من طبخ على ما يبدو كل الخطوة. لقد بقي نتنياهو اليوم مع حكومة ضيقة، يمينية، أصولية وكهنوتية، حكومة أراد دومًا الفرار منها. ولكن يوجد لنتنياهو في هذه اللحظة أيضاً حكومة أكثر استقراراً بكثير حتى وهي تعتمد على 66 نائبا».

شماتة اليمين

في المقابل، قال الكاتب اليميني في صحيفة معاريف، نداف هعتسني، إنه «يجب علينا قبل كل شيء أن نعترف بأن تزعزع اليسار وشكواه من استقلال إيهود باراك الجديد مُسليان على نحو خاص. ويصعب ألا نشمت بمن صفقوا متلذذين عندما شق آريئيل شارون المعسكر القومي».

وأضاف هعتسني: «إن قضية باراك مثال كافٍ على الأخلاق المزدوجة، والحكم في اتجاه واحد المستعمل عندنا. أجل، يصعب أن نقول كلمة طيبة واحدة عن إيهود باراك. فهو انتهازي سياسي تقليدي، وليس له أي صلابة عقائدية ولا أخلاقية ربما، لكنه لا يختلف بهذا عن أكثر أعضاء الكنيست واللاعبين السياسيين اليوم. ومن المؤكد أنه لا يختلف عن أكثر أعضاء حزب العمل وكديما حيث الانتهازية الساخرة هناك هي اسم اللعبة، ويرى هعتسني، أن «الأشد إقلاقاً هو مصير المجتمع الاسرائيلي».

شكك الكاتب اليميني في صحيفة هآرتس، يسرائيل هرئيل، في أن يكون إيهود باراك قد أحدث الحيلة «الأكثر قذارة». لكن من الواضح، بحسب هرئيل، «أن الهجوم المشترك عليه هو الأكثر نفاقاً وتعطشاً للدم مما عُرف في السياسة الإسرائيلية».♦