مجلة العودة

مجزرة اللّد والرملة مئات الشهداء وخمسون ألف لاجئ

مجزرة اللّد والرملة

مئات الشهداء وخمسون ألف لاجئ

 

أحمد الباش/ دمشق

 

جامع دهمش حيث جرت المجزرة

                

كانت عملية داني الاسم الرمزي الموحي بالبراءة للهجوم على مدينتي اللد والرملة الواقعتين في منتصف الطريق بن يافا والقدس.

 

في 10 تموز/ يوليو عيّن بن غوريون يغال ألون قائداً للهجوم على مدينتي اللد والرملة، وإسحق رابين نائباً له وأمر ألون بقصف المدينة من الجو وكانت أول مدينة تهاجم على هذا النحو، وتبع القصف هجوم مباشر على وسط المدينة، تسبب بمغادرة بقايا متطوعي جيش الإنقاذ المرابطين بالقرب من المدينة التي تلقت الأوامر بالانسحاب من قائدها البريطاني غلوب باشا بالانسحاب.

 

إثر تخلي المتطوعين وجنود الفيلق العربي عن سكان اللد احتمى رجال المدينة المتسلحين ببعض البنادق العتيقة، بمسجد دهمش وسط المدينة، وبعد ساعات من القتال نفدت ذخيرتهم واضطروا للاستسلام، لكن القوات الصهيونية المهاجمة أبادتهم داخل المسجد المذكور.

 

تفاصيل أخرى

 

بدأ الهجوم الصهيوني على اللد والرملة يوم 9/7/1948، وسعى الصهاينة إلى عزل المدينتين عن أي مساعدة تأتي من الشرق، فتقدم إلى شرقي اللد والرملة لواءان أحدهما من الجنوب، حيث دخل قرية (عنّابة) في الساعة الواحدة من فجر 10 تموز/ يوليو ثم قرية جمزد، وثانيهما من جهة تل أبيب في الشمال الغربي، وقد احتل هذا اللواء (ولهمينا) ثم مطار اللد، وباحتلاله عزلت سرية الجيش الأردني في (الرملة والعباسية واليهودية)، وهكذا اكتمل تطويق المدينتين وعزلهما ولم يستطع المقاتلون في القرى المذكورة ومطار اللد الصمود أمام الهجمات من قبل الدبابات والمدفعية المنسقة.

 

تعرضت المدينتان في أثناء ذلك لقصف جوي ثقيل وجه إلى مركز شرطة الرملة خاصة، وإلى قصف مدفعي شمال الأحياء الآهلة بالسكان.

استمر ضغط الصهاينة على امتداد واجهة القتال وركزوا هجومهم على مدينة اللد أولاً، فشنّوا عند الظهر هجوماً قوياً عليها من الناحية الشرقية عند قرية دانيال، لكن مجاهدي المدينة استطاعوا أن يصدّوا الهجوم بعد معركة دامت ساعة ونصف خسر الصهاينة فيها 60 قتيلاً، وعاد المجاهدون وقد نفد عتادهم. ثم شن الصهاينة هجوماً آخر بقوات أكبر تدعمها المدرعات وتمكنوا في الساعة 16 تقريباً من دخول اللد واحتلالها وهم يطلقون النار على الأهالي دون تمييز.

 

بعد ذلك اخترقت فصيلة تابعة للجيش الأردني مدينة اللد التي كانت قد استسلمت للكتيبة الثالثة التابعة للواء يفتاح في البالماح. وفي أعقاب الاختراق ارتفعت معنويات سكان المدينة، ومن أجل إخمادهم ومنعهم من التحرك، صدرت الأوامر للإرهابيين الصهاينة بإطلاق النار الكثيفة على جميع من وجد في الشوارع وخلال بضع ساعات وبموجب تقدير قائد اللواء في المعركة أنه قتل 250 فلسطينياً فكانت أبشع مجزرة وأسرعها وقتاً، غير أن الإعلام العربي لم يركز عليها.

 

وفي تقريره الذي قدمه مولاي كوهين عن المجازر التي وقعت في مدينة اللد اعترف فيه بوجود فظائع كئيبة، ودوّن ذلك في كتاب البلماح:

لا شك في أن قضية اللد والرملة وهرب السكان والتمرد الذي جاء في أعقابها قد وصلت فيها وحشية الحرب إلى ذروتها.

 

شهود على المجزرة

 

 ضحايا المجازر من مدينتي اللد والرملة في تقديرات نهائية للمجزرة بلغ عددهم 426 شهيداً منهم 176 قتيلاً في مسجد دهمش في المدينة، وفي رواية أخرى بلغوا 335 شهيداً 80 منهم في مسجد دهمش.

عالم الاجتماع سليم تماري نشر في مجلة الدراسات الفلسطينية نقلاً عن شهود مجزرة اللد منهم (إسبر منيّر) الذي كان يعمل ممرضاً مع الدكتور جورج حبش وصف المجزرة في جامع دهمش وحالات الطرد الجماعي لخمسين ألف فلسطيني في مدينتي اللد والرملة وحالات النهب والسرقة والجثث المكوّمة على الطرقات والجرحى الذين كانوا يحضرون ولا مسعف لهم.

 

كيث ويلر من صحيفة شيكاغو صن تايمز كتب:

 

عملياً كل شيء في طريق القوات الإسرائيلية أدركه الموت في مدينة اللد، حيث كانت تقبع على جانبي الطريق جثث مثقوبة بالرصاص.

 

كينيث بيلبي من صحيفة نيويورك هيرالد تريبيون قال إنه شاهد جثث رجال ونساء وأطفال عرب متناثرة هنا وهناك في أثر هجوم متألق لا رحمة فيه.