مجلة العودة

الأونروا: رأي اللاجئين الفلسطينيين في لبنان وسورية بالأونروا

رأي اللاجئين الفلسطينيين في لبنان وسورية بالأونروا
استطلاع رأي أطلق نتائجه في بيروت مركز العودة و«واجب» و«ثابت»
 

 
أجرى كلٌّ من مركز العودة الفلسطيني في لندن، ومنظمة «ثابت» لحق العودة في بيروت، وتجمع العودة الفلسطيني «واجب» في دمشق، استطلاعاً للرأي بشأن عمل الوكالة الأونروا في لبنان وسورية ومعرفة مدى تمسك اللاجئين الفلسطينيين بالأونروا في الذكرى الستين لتأسيسها، كوكالة دولية معنية بتقديم الخدمات الإنسانية للاجئين لحين عودتهم إلى ديارهم وممتلكاتهم التي هُجِّروا منها إبان النكبة في عام 1948. وأجريت كذلك عملية تقويم لأداء الوكالة الدولية ودورها على مدى سنوات نشأتها.

وأعلنت المؤسسات الثلاث المنفّذة نتائج استطلاع الرأي في مؤتمر صحافي عقد صباح الخميس 8 نيسان (أبريل)2010، بفندق كراون بلازا في بيروت.

تحدث في المؤتمر مديرو المؤسسات الثلاث إضافة إلى السيدة هدى السمرا مديرة مكتب الإعلام في الأونروا بلبنان.

شرح ماجد الزير مدير مركز العودة في لندن فلسفة الاستطلاع ودوافعه، بأن الأونروا هي الشاهد الدولي على النكبة واللجوء، وأنها خزان المعلومات والوثائق للشعب الفلسطيني، وأنها معنية بالرعاية المباشرة، وأن هناك من يسعى إلى إنهاء وجودها، مؤكداً أن عمل الأونروا لا يمكن أن يُنهى إلا بحالة واحدة فقط، هي عودة الشعب الفلسطيني إلى الأرض التي أخرج منها، لا إلى الدولة الفلسطينية المنتظرة.

وأوضح علي هويدي المدير العام لمنظمة «ثابت» لحق العودة منهجية الاستطلاع وطرق تنفيذه على الأرض والآلية التي اعتمدت لاستقراء نتائجه. ولفت طارق حمود مدير تجمع «واجب» إلى الفروق التي ظهرت في نتائجه بين سورية ولبنان، شاكراً جميع من ساهم فيه من متطوعين وفرق عمل، فضلاً عن جهات رسمية سهلت تنفيذه في كلا البلدين.

ولفتت هدى السمرا إلى قضية التجديد للأونروا كل ثلاث سنوات، ونوّهت بأن الأونروا قدمت خدماتها في حالات السلم والحرب، وهي الآن تقدمها إلى 4.6 ملايين لاجئ في أشكال متعددة (إغاثة، إعاشة، قروض، بنية تحتية، مشاريع وغير ذلك). وأثبتت قدرتها على الاستجابة للمتطلبات الطارئة والحروب. ورأت أن الأونروا عامل استقرار، وأنها تعاني أزمة مالية قاسية، وأن التحدي الأكبر الآن هو جذب التبرعات وعملية الإصلاح الداخلية في الوكالة الدولية.

69.7%

غير راضٍ عن أداء الأونروا

86%

خدمات الأونروا غير كافية

44.9%

الخدمات الصحية ضعيفة

35.3%

الخدمات التعليمية
كافية

55.5%

خدمات
العمل الإغاثي
ضعيفة

64.1%

يرى تراجعاً كبيراً في تقديم الخدمات

92%

يؤيد استمرار الأونروا بتقديم خدماتها

نُفذ الاستطلاع بين 17 و25 تشرين الأول (أكتوبر) 2009، وشمل عيّنة من 1460 مستطلعاً (722 لاجئاً من لبنان و738 لاجئاً من سورية). شمل جميع المخيمات الرسمية المعترف بها من الدول المضيفة والأونروا، بالإضافة إلى بعض التجمعات والمناطق التي ينتشر فيها اللاجئون.

تظهر نتائج الاستطلاع تطابقاً شبه تام وانسجاماً في الرؤية للأونروا وخدماتها والأهداف السياسية والاستراتيجية، باعتبارها، أي المنظمة الدولية، أحد تجليات وتداعيات القضية والحقوق الفلسطينية وملف اللاجئين تحديداً، ولا يخفى أن إنهاء خدماتها عملياً، يرتبط حصراً بتجسيد حق العودة وتحقيقه، بمعنى أن اللاجئين بحسّهم السياسي والوطني، يتصرفون وفق قاعدة أن الأونروا مسؤولة عنهم، إلى أن يتحقق حلمهم بالعودة، وفق الشرعية الدولية التي تعدّ الأونروا أحد تجلياتها.

من هذه الزاوية تحديداً، يجب عدم استغراب حقيقة أن غالبيةً ساحقةً جداً من اللاجئين (96%) مسجلة في الأونروا، وتتماثل النسبة ما بين لبنان وسورية. وكما يتضح من إجابة السؤال الثاني، رغم هذه الأغلبية الساحقة، إلا أن نسبة الثلثين فقط من اللاجئين (68%) في لبنان، و70% منهم في سورية، يتلقون خدمات من الأونروا، ما يُظهر الفجوة بين المسجلين والمستفيدين أو متلقي الخدمات، وهو ما قد يفسّر أيضاً، عدم الرضى عن أداء الأونروا (69%)، كما يتضح من إجابة السؤال الرابع، ورغم أن نسبة عدم الرضى في لبنان (71%) أعلى قليلاً مما هي عليه في سورية (67%)، فإن ذلك قد يعني أن الخدمات فى سورية أفضل نسبياً من نظيرتها فى لبنان.

عدم الرضى يتضح أو يعكس نفسه أيضاً، عبر الرغبة في تطوير خدمات الأونروا وزيادتها على ما هو حاصل حالياً، حيث عدّها (86%) غير كافية مع أغلبية طفيفة للبنان (87%) مقابل (84%) فى سورية.

الاختلافات التفصيلية، ليست الجوهرية أو الاستراتيجية، تبدأ في الظهور عند تقويم الخدمات المختلفة للأونروا في لبنان وسورية، يرون أن الخدمات الصحية، ما بين ضعيفة إلى مقبولة، مقابل أقلية ترى أنها جيدة. فأغلبية طفيفة في لبنان (52%) ترى أن الخدمات الصحية ضعيفة مقابل الثلث فقط (32%) يرون أنها مقبولة، و(11%) ترى أنها جيدة. الأمر يختلف نسبياً في سورية، رغم أن المزاج العام يظل نفسه (85% ما بين ضعيفة ومقبولة).

الأمر يختلف قليلاً في الخدمات التعليمية، ويمكن القول إن هناك رضى نسبياً عن تلك الخدمات، (59%) في لبنان، و(64%) في سورية، يرون أنها مقبولة إلى جيدة، مع أقلية ملموسة (27%) في لبنان و(15%) في سورية ترى أنها ضعيفة. وهنا يمكن الاستنتاج، أن الخدمات التعليمية، أو مستوى رضى اللاجئين عنها، أفضل في سورية من نظيرتها فى لبنان.

أما في ما يتعلق بالعمل الإغاثي، أو خدمات العمل الإغاثي، فالتشابه أيضاً كبير، أكثر من النصف (55%) يرون أنها ضعيفة, (80%) في لبنان و(82%) في سورية يرون أنها ضعيفة إلى مقبولة، مقابل أقلية راضية عنها (12%) في لبنان مقابل (7%) في سورية.

كما في التمسك بالأونروا وأهميتها، نرى أغلبية ساحقة جداً (90%) في لبنان و(89%) في سورية، تُجمع على أن ثمة تراجعاً في عمل الأونروا، يتراوح ما بين الكبير والمتوسط، وهذا ما قد يفسر الأغلبية الكبيرة (92%) التي تؤيد استمرار الأونروا في تقديم الخدمات و(89%) في لبنان و(94%) في سورية، وهنا يمكن مرة أخرى الإشارة إلى الاستخلاص والاستنتاج السياسي للاستطلاع المهم:

أغلبية ساحقة جداً مسجلة في الأونروا، رغم أن الثلثين فقط يحصلون على خدماتها. هناك رضى نسبي عن الخدمات التعليمية، يفوق الرضى عن الخدمات الصحية والإغاثية، وإجماع على تراجع الخدمات، ورغبة عارمة في استمرارها لأن ذلك سياسياً يُبقي القضية الفلسطينية حية, ويساعد اللاجئين على الصمود. واستراتيجياً يرتبط إنهاء عمل الأونروا حصراً، بتكريس حق العودة للاجئين إلى ديارهم وقراهم التي شرّدوا منها في عام 1948.

سياسياً، يمكن قراءة نتائج الاستطلاع من خلال النقاط الآتية:

1- إن معظم من شملهم الاستطلاع يؤكدون أن هناك تراجعاً في خدمات الأونروا (رأى 64.1% أن هناك تراجعاً كبيراً، و 20.8% تراجعاً متوسطاً)، في الوقت الذي يزداد فيه الوضع الاقتصادي والمعيشي للاجئين الفلسطينيين سوءاً (أغلبية ساحقة من اللاجئين في سورية 92% يتراوح دخلها تحت سقف 500 دولار، مقابل 77% لدى اللاجئين في لبنان) ما يدعو الأونروا إلى زيادة الخدمات لا إلى تقليصها تدريجياً، ما يطرح تساؤلاً هاماً عن خلفية ذلك.

هل عدم وجود ميزانيات كافية لدى الأونروا هو السبب في تقليص خدماتها؟ أم أن سبباً أهم يقف وراء ذلك يتمثل بسعي جهات دولية لإنهاء خدمات الأونروا كشاهد رئيسي على قضية اللجوء بمعناها السياسي بالتزامن مع إنهاء قضية اللاجئين الفلسطينيين (لا عودتهم إلى ديارهم) هو السبب؟!

2- رغم تقليص الأونروا خدماتها كما بيّنته نتائج الاستطلاع، فإن الغالبية االقصوى للاجئين (92% من المستطلعين يؤيدون استمرار الأونروا بتقديم خدماتها) يتمسكون بالأونروا كمنظمة شاهدة على قضية اللجوء (تمسك اللاجئين بحق العودة الى بلادهم)، فهم يعدّون إنهاء عمل هذه المنظمة مؤشراً خطيراً على تصفية هذا الحق واستبداله بحلول تتناقض مع القوانين الدولية بل مع حقوق الإنسان الأساسية.

3- إن معظم من شملهم الاستطلاع يرون أن خدمات الأونروا غير كافية (يرى 86% أن خدمات الأونروا غير كافية) وغير مرضية (أجاب 69.7% من المستطلعين بأنه غير راضٍ عن أداء الأونروا)، وفي ظل أوضاع اقتصادية ومعيشية سيئة جداً للاجئين، فإن ذلك يعني أن اللاجئ قد يضطر -مع غياب جهة تحسن أوضاعه- إلى قبول أي مشروع له علاقة بمستقبل قضيته وعناصرها الأساسية (العودة واللاجئين والقدس والأرض.. إلخ).

4- إن نتائج الاستطلاع توجب على الدول المضيفة أن تلتفت إلى اللاجئين الفلسطينيين لجهة إقرار الحقوق المدنية والإنسانية لهم من جهة، وتحسين أوضاعهم المعيشية من جهة أخرى، وإلا فإن ذلك قد يُلحق الضرر بأمن البلد المضيف واستقراره وسيادته وتركيبته، وخصوصاً في حالة لبنان.

5- إن نتائج الاستطلاع توجب على الأونروا ابتداءً، ثم المجتمع الدولي والمنظمات غير الحكومية أن تلتفت إلى واقع اللاجئين، وأن تعدّ خطة طوارئ للنهوض بالواقع الاقتصادي والمعيشي والإنساني لهم من خلال رصد ميزانيات كبيرة لتنفيذ مشاريع وبرامج تحقق هذا الغرض.