مجلة العودة

تقرير: العواصف تضاعف مأساة اللاجئين الفلسطينيين في تجمّع «جلّ البحر» ومخيم الرشيدية - سامي حمود

العواصف تضاعف مأساة اللاجئين الفلسطينيين في تجمّع «جلّ البحر» ومخيم الرشيدية
 

سامي حمود/ جنوب لبنان

شهد لبنان أخيراً الكثير من العواصف السياسية والطبيعية، ولكن أشدّها قسوةً وعنفاً كانت العاصفة الثلجية التي ضربت لبنان من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب خلال يومي السبت والأحد الموافق فيه 11-12/12/2010، وأدّت إلى نتائج مروعة وكارثية على الحجر والبشر ولم تسلم منها حتى لوحات الإعلان ذات المواصفات المتينة والقوية المغروسة على امتداد الطرق الرئيسية، لتصبح بعدها ملقاة على الأرض واحدة تلو الأخرى.

وإذا لم تكن تلك اللوحات الحديدية والقوية قد صمدت في وجه العاصفة العاتيّة، فكيف يكون حال مساكن اللاجئين الفلسطينيين ذات الأساسات الهشّة في تجمّع جلّ البحر ومخيم الرشيدية المجاورَين للبحر في مدينة صور الجنوبية!

فالعواصف العاتية التي وصلت سرعتها إلى أكثر من 100 كلم في الساعة أدّت إلى ارتفاع أمواج البحر ودفعتها بنحو عنيف نحو المنازل الممتدة على شاطئ البحر في تلك التجمعات السكنية، ما أدى إلى دخول مياه البحر إلى عشرات المنازل وتدمير محتوياتها من الأثاث والفرش والملابس، فضلاً عن تدمير بعضها على نحو كامل أو جزئي. واضطُر كثير من العائلات إلى النزوح بأطفالها وكثيرين المسنين إما إلى ذويهم الذين تبعد مساكنهم عن أمواج البحر، والبعض الآخر منهم لجأ إلى مدارس الأونروا القريبة لإيواء أنفسهم من الأمطار الشديدة والبرد القارس، وخوفاً من سقوط المنازل على رؤوسهم.

وبحسب إفادة مندوبي مؤسسة شاهد لحقوق الإنسان في منطقة صور الذين زاروا المكان وعاينوا الأضرار، فقد بلغت المنازل المتضررة جزئياً أو كلياً 80 منزلاً في تجمع جلّ البحر، و35 منزلاً في مخيم الرشيدية. والكثير من المنازل تصدعت وتطايرت ألواح الصفيح من أسقفها، والبعض الآخر جرفت أمواج البحر تربته من تحت الأساسات الضعيفة أصلاً، وأصبحت مهددة بالانهيار في أية لحظة فوق رؤوس ساكنيها.

ما بعد العاصفة

تحرك الإعلام ليرفع أسقف المنازل المنهارة على رؤوس ساكنيها في المناطق المنكوبة في مختلف المناطق اللبنانية، ومنها مساكن اللاجئين الفلسطينيين في تجمّع جلّ البحر ومخيم الرشيدية، ولطرح تساؤلات ونداءات استغاثة أطلقها أهالي تلك المساكن للجهات المعنية لضرورة التحرك السريع وتقديم الدعم والمساعدة لهم للخروج من محنتهم المأساوية.

وتحركت أيضاً العديد من الجهات اللبنانية والفلسطينية لتوجيه النداء نفسه والدعوة إلى إنقاذ اللاجئين في تلك التجمعات، نذكر منها نداء مكتب شؤون اللاجئين في حركة «حماس» ونداء «حزب الله» وتقارير حقوقية لمؤسسات فلسطينية مثل منظمة ثابت لحق العودة ومؤسسة شاهد لحقوق الإنسان والعديد من المؤسسات والمنظمات الإنسانية، وجميعها دعت إلى تقديم الدعم للعائلات المنكوبة، ونلفت أيضاً إلى أن بعض الجهات الفلسطينية واللبنانية قدّمت مشكورة بعض المساعدات الإنسانية لتلك العائلات.

لكن السؤال يبقى، إلى متى سيظل اللاجئون الفلسطينيون ومساكنهم مهددّة بالهدم والجرف في أي لحظة من جراء حال هبوب عاصفة جديدة؟ وهل ستحل مشاكلهم عبر مساعدات إنسانية بسيطة تقّدم لهم من هذا وذاك، أم أن هناك مسؤولية لبنانية ودولية يجب عليها إيجاد حل لمشكلتهم المتمثلة بتوفير حقوقهم الإنسانية والاجتماعية وأن يشعروا بأنهم بشر وحياتهم ليست رخيصة؟