مجلة العودة

ثقافة العودة: توحيد الجهود نحو القدس يتطلب التعريف أكثر بأهميتها ثقافياً

مثقفون: توحيد الجهود نحو القدس يتطلب التعريف أكثر بأهميتها ثقافياً

إعلان اليونسكو القدس عاصمةً لـ"إسرائيل" اعتراف صارخ بالدولة الصهيونية
 
أحمد سعد الدين/عمان
 

قال مثقفون أردنيون إن وضع منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة "اليونسكو" مدينة القدس على موقعها الإلكتروني باعتبارها عاصمةً لإسرائيل انتهاك صارخ للثقافة العربية الإسلامية والمكانة التي تحملها مدينة القدس المحتلة للمسلمين.واتفقوا على أن إعلان منظمة اليونسكو اعتراف صريح بالدولة الصهيونية التي سرقت التاريخ وحرفت نصوصه.

وأضافوا قائلين إن قضية القدس ليست قضية وطنية فقط، بل هي قضية ترتبط بعقيدة مليار ونصف مليار مسلم على ظهر الأرض، وإن دور هيئة اليونسكو هو الحفاظ على مقدسات كل الأديان، وهي بهذا التصرف تتخلى عن دورها المنوط بها وتفقد احترام كل شعوب العالم الحر وتقديرها.

وكانت منظمة اليونسكو قد وضعت مدينة القدس على قائمة التراث العالمي وعرفتها بأنها عاصمة "إسرائيل"، فيما عُدّ القرار مخالفاً للشرعية الدولية والإنسانية وجميع القرارات الصادرة من مجلس الأمن التي تعدّ القدس الشرقية مدينة فلسطينية محتلة.

نفي بشدة

ونفت (اليونسكو) تغيير موقفها بشأن القدس، وذلك بعد تنديدات واسعة إثر قرار اعتبار المنظمة القدس عاصمة لإسرائيل.

وقالت "اليونسكو": لم يكن هناك أي تغيير في موقفنا بشأن القدس"، مضيفة أن "بلدة القدس القديمة منصوص عليها في قائمة التراث العالمي، وهي في خطر"، مؤكدة أنها تواصل العمل على ضمان احترام القيمة العالمية البارزة للتراث الثقافي لمدينة القدس القديمة، وأن هذا الموقف ينعكس في موقعها الرسمي.

وقالت اليونسكو إنه تماشياً مع سياسة الأمم المتحدة عموماً، لا تزال القدس الشرقية جزءاً من الأراضي الفلسطينية المحتلة، ويجب حل وضع القدس في مفاوضات الوضع الدائم.

الدكتور مأمون جرار يرى أن هناك أكثر من دور على المؤسسات العربية ذات الارتباط باليونسكو والمنظمات التي تتشابه في عملها مع عمل منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة لمقاومة تلك الادعاءات وتثبيت الحق العربي والإسلامي في مدينة القدس.

ويتحدث جرار عن أهمية إبـراز دور المثقف العربي في إظهار قضية القدس وما تتعرض له من تشويه ثقافي من خلال فاعليات متنوعة على المستوى العربي والعالمي، مضيفاً أنه لا يكفي عقد الندوات والمؤتمرات التي تتحدث في مجملها عن حق العرب في القدس، بل يجب الوقوف بوجه تلك المؤامرات السياسية من خلال التوجه إلى الغرب للتعريف بحقيقة ما يدور من تحريف للثقافة المقدسية الإسلامية وحشد الرأي العام لنصرة قضية القدس.

وبيّن جرار أنه نظراً إلى أن قضية القدس هي قضية عربية إسلامية، على المثقفين والأدباء تسليط الأضواء على ما يجري فيها، وتعريف الناس بحقيقة الصراع ضد نسيان قضية العرب والمسلمين، وهي فلسطين عموماً والقدس خصوصاً.

ويشير جرار إلى الدور المتبادل للإعلام بوسائله المتعددة في محاربة تلك المعتقدات، مبيناً أنه لا يخفى تأثير الرأي العام في حشد أكبر عدد ممكن من الاحتجاج ضد التحريف الذي يجري لمدينة القدس.

ويرى جرار أيضاً أن من المهم السعي وإعداد الأفلام الوثائقية في عدد من المحطات وعمل برامج تلفزيونية تحوي في طياتها رسالة القدس الصادقة التي تُخفى عن العالم الغربي نتيجة ما يبث من أكاذيب تشوه الحقيقة.

وقال جرار إن مدينة القدس مرتبطة بواقع الأمة الإسلامية عند توحد كلمتها، وستستثمر مواضع القوة لطرد الوجود الصهيوني، ليس من القدس فحسب، بل من فلسطين بأكملها. كذلك يجب وضع إجراءات تحفظ حقنا في القدس وتبلغ هذا الحق للعالم أجمع.

واستدرك جرار بالقول إن قضية القدس وهويتها تحتاج إلى انتباه، حتى لا يكون العرب قد خسروا معركة الهوية ويكونوا الخاسرين في نصرة القدس وفلسطين.

ويؤكد جرار أن منظمة اليونسكو ليست مؤسسة ثقافية محايدة، بل ذات مواقف مرتبطة بسياسات الدول التي تنتمي إليها، ومن هنا يأتي دور المثقف العربي في كسب عدد أكبر وإيضاح حقائق قضية القدس. إلا أن هنالك تقصيراً عربياً في هذا المجال، الأمر الذي يترك لتلك المنظمات الحرية في تحريف التاريخ ونسب تاريخ المدن إلى أناس ليسوا أهلها وليسوا أصحاب حق.

ويختم جرار حديثه بالقول إن منظمة اليونسكو ليست بريئة من تأثير السياسة؛ فهي تضم دول العالم التي ترسم ملامح السياسة الدولية، كأمريكا ودول الاتحاد الأوروبي، مضيفاً أن قرارات اليونسكو تتأثر بالمواقف السياسية للدول الأعضاء التي تقف جنباً إلى جنب مع العدو الصهيوني في كثير من المواقف الدولية.

وقال الخبير المعروف بشؤون المسجد الأقصى ومدينة القدس، المهندس رائف نجم، إن قرارات منظمة اليونسكو غير قابلة للتطبيق، ولا أحد ينفذ ميثاق اليونسكو.

وبيّن نجم أن إسرائيل مهما حاولت أن تفعل في قضية القدس، فإن الدول العربية الأعضاء في المنظمة أفشلوا العديد من القرارات.

وأشار نجم إلى أن لجنة التراث العالمي في منظمة اليونسكو التي تتكون من 21 عضواً، سجلت مدينة القدس ضمن قائمة التراث العالمي المهدد بالخطر، الأمر الذي يشير إلى اقتناع العالم بأن القدس مهددة بالخطر، ومع ذلك فإن تلك القرارات لا تنفذ ولا ينظر إليها على المستوى الدولي.

وأضاف نجم أن مثل قرارات منظمة اليونسكو تُعَدّ غير قابلة للتطبيق، وليست مثل قرارات مجلس الأمن الذي يكون ذا تأثير دولي من قبل صناع القرار، مشيراً في الوقت ذاته إلى أن العالم العربي اهتم بأخذ قرار من المحكمة الدولية بسبب جدار الفصل العنصري، واتخذ قراراً بهدم الجدار. ومع ذلك، هذا القرار لم يُنفَّذ.

وأوضح نجم أن إسرائيل تقدمت منذ 5 سنوات بطلب إلغاء مدينة القدس من التراث المهدد بالخطر، وأُجحف من خلال 5 دول عربية أعضاء في اللجنة، وكان لأعضاء اللجنة تأثير على غيرهم من الأعضاء الذين يبلغ عددهم 21 عضواً ويجتمعون سنوياً.

نجم قال إن ثمة اقتناعاً دولياً بما تفعله إسرائيل وما ينفذ، ولكن هناك تأثير دولي تجاه بعض الدول، مشيراً إلى أن المطلوب أن نجعل الحكومات الأجنبية تقتنع بما يجري في القدس من استهداف وتهويد.

وأضاف نجم أن العالم الغربي ينظر إلى الحكومات ولا ينظر إلى القرارات، وأن صمت الدول العربية دفع الغرب إلى الصمت إزاء ما يجري في القدس وما تتعرض له، فضلاً عن أن الدول العربية لم تحرك ساكناً تجاه قرار اليونسكو.

واختتم نجم حديثه بأن الإعلام الصهيوني يؤثر على الدول الأجنبية ويشارك في تغييب قضية القدس، في ظل غياب دور عربي للمثقفين والإعلاميين لإظهار حقيقة ما يحدث في القدس، داعياً في الوقت ذاته إلى أهمية إقناع الغرب وضرورة التحرك السياسي لإنقاذ القدس من التهويد الثقافي والفكري.

أما الأديب نايف النوايسة، فيرى أن قضية فلسطين ستظل القضية الأولى للعرب والمسلمين، ولا يمكن أي مؤسسة في العالم نسيان ما يحارب من أجله أهل فلسطين، ولا سيما هوية مدينة القدس وأهميتها الدينية.

وقال النوايسة إن اعتبار منظمة اليونسكو مدينة القدس عاصمةً لإسرائيل إجحاف بحق قدسية القضية الفلسطينية، باعتبار أن مكانة اليونسكو ترتبط ارتباطاً وثيقاً بنقل رسالة التعليم والثقافة، ولما لتلك القرارات من تأثير في عقول الأجيال القادمة.

وأكد النوايسة أن على اليونسكو الوقوف بعيداً عن الإملاء السياسي الذي أجبرها على إعلان القدس عاصمة لإسرائيل، مبيناً أنّ على الدول العربية التي تلتزم عضوية اليونسكو الوقوف بوجه تلك القرارات.

وأضاف النوايسة أن على المنظمات العربية التي تعنى بشؤون الأدب والثقافة إيجاد قرار صارم لمواجهة مثل تلك القرارات، باعتبار القدس وقفاً إسلامياً، إضافة إلى تكوّن حلقات مهمة يمكن الضغط من خلالها على صاحب القرار السياسي لمواجهة التحريف في تاريخ الأمة الإسلامية.

وأشار النوايسة إلى أنّ اليونسكو تتعامل مع القوى العظمى التي تضغط على تلك المنظمات، مبيناً أن على الدول العربية أن تكون أقوى في مواجهة تلك القرارات من خلال القرار السياسي لنصرة القدس وتوجيه عزيمة الشعوب بالكلمة واللوحة والأعمال الفنية الأخرى التي تذكّر المسلمين بقضيتهم المركزية، قضية القدس وفلسطين.

وأوضح النوايسة أن قرار إعلان منظمة اليونسكو القدس عاصمةً لإسرائيل قرار ذو بُعد سياسي، وأن الإعلان يعطي إسرائيل ورقة رابحة في الاعتراف الضمني بالدولة الصهيونية، مبيناً أن ذلك أمر خطير، وأن على المثقف العربي أن يتحدث في كل ميدان عمّا تتعرض له القدس.

وبيّن النوايسة أن على الهيئات الثقافية أن تضغط نحو الحفاظ على التراث الثقافي لمدينة القدس، ويجب أن تكون هناك هيئة حرة تضغط على اليونسكو لمنع اتخاذ مثل تلك القرارات ومنع أي إعلان أو ترسيخ لمفهوم خاطئ من الممكن أن يؤدي إلى المساس بالمقدسات الإسلامية.