مجلة العودة

العهدة العمرية ...اقتران القول بالعمل

العهدة العمرية ...اقتران القول بالعمل
 
العودة/خاص
 

ذكر الطبري في كتابه (تاريخ الأمم والرسل) أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه بينا كان معسكراً بالجابية، فزع الناس إلى السلاح، فقال: ما شأنكم؟

فقالوا: ألا ترى الخيل والسيوف! فنظر، فإذا كُردوس يلمعون بالسيوف (والكُردوس القطعة العظيمة من الخيل)، فقال عمر: مُسْتأمِنة، ولا تُراعوا وأمِّنوهم، فأمَّنوهم، وإذا هم أهل إيلياء، فأعطوه واكتتبوا منه على إيلياء وحيزها، والرملة وحيزها، فصارت فلسطين نصفين: نصف مع أهل إيلياء، ونصف مع أهل الرملة، وقيل: كان سبب قدوم عمر إلى الشام، أن أبا عبيدة حضر بيت المقدس، فطلب أهله منه أن يصالحهم على صلح أهل مدن الشام، وأن يكون المتولي للعقد عمر بن الخطاب.

وعن خالد وعبادة، قالا: صالَح عمر أهل إيلياء بالجابية، وكتب لهم:

بسم اللَّه الرحمن الرحيم

هذا ما أعطى عبد اللَّه عمر أمير المؤمنين أهل إيلياء من الأمان، أعطاهم أماناً لأنفسهم وأموالهم، ولكنائسهم وصلبانهم، وسقيمها وبريئها وسائر ملتها، أنه لا تسكن كنائسهم ولا تهدم، ولا ينتقص منها ولا من حيّزها، ولا من صليبهم، ولا من شيء من أموالهم، ولا يكرهون على دينهم، ولا يضار أحد منهم، ولا يسكن بإيلياء معهم أحد من اليهود، وعلى أهل إيلياء أن يعطوا الجزية كما يعطي أهل المدائن، وعليهم أن يخرجوا منها الروم واللصوت (اللصوص)، فمن خرج منهم فإنه آمن على نفسه وماله حتى يبلغوا مأمنهم، ومن أقام منهم فهو آمن، وعليه مثل ما على أهل إيلياء من الجزية، ومن أحب من أهل إيلياء أن يسير بنفسه وماله مع الروم ويخلي بِيَعهم وصلبهم فإنهم آمنون على أنفسهم وعلى بيعهم وصلبهم، حتى يبلغوا مأمنهم، ومن كان بها من أهل الأرض قبل مقتل فلان، فمن شاء منهم قعد وعليه مثل ما على أهل إيلياء من الجزية، ومن شاء سار مع الروم، ومن شاء رجع إلى أهله فإنه لا يؤخذ منهم شيء حتى يحصد حصادهم، وعلى ما في هذا الكتاب عهد اللَّه وذمة رسوله وذمة الخلفاء وذمة المؤمنين إذا أعطوا الذي عليهم من الجزية. شهد على ذلك خالد بن الوليد، وعمرو بن العاص، وعبد الرحمن بن عوف، ومعاوية بن أبي سفيان وكتب وحضر سنة خمس عشرة.

إننا نلحظ أن أهل إيلياء طلبوا أن يصالحوا أبا عبيدة، ولكن على أن يتولى العقد عمر بن الخطاب. ولا شك أن الذي دفعهم إلى هذا الشرط هو ما رأوا من عدل هذا الخليفة رضي الله عنه، ولا سيما أن أهل إيلياء ـ وفق ما ذكر الطبري ـ كانوا قد أشجوا عمراً (أي ابن العاص)، ولم يقدر عليها ولا على الرملة، وقد كانت الوثيقة وثيقة أمان فعليّ تبيح لكل منهم أن يقيم في إيلياء أو أن يخرج منها بلا أي حرج، فهو يقيم آمناً على داره وأهله ومقدّساته، وله أن يؤدي طقوسه الدينية بحرّية تامة، من دون خوف من هيمنة الروم أو اعتداء اللصوص عليهم؛ فالمعاهدة ـ كما هو واضح ـ هي عملية تحرير للأرض وإقرار أصحابها فيها.

اقتران القول بالفعل

وقد قرن عمر بن الخطاب قوله بالفعل حين دخل بيت المقدس وجاء كنيسة القيامة فجلس في صحنها، وحان وقت الصلاة، فقال للبترك: أريد الصلاة، فقال له: «صلّ موضعك»، فامتنع عمر عن الصلاة في صحن الكنيسة، بل صلّى على الدرَجة التي على باب الكنيسة منفرداً، فلمّا قضى صلاته قال للبترك: «لو صليتُ داخل الكنيسة أخذها المسلمون بعدي وقالوا هنا صلى عمر»، وكتبَ لهم أن لا يُجمعَ على الدرَجةِ للصلاة ولا يؤذّن عليها، فقد حافظ عمر على حرمة هذه الكنيسة، كذلك حافظ على حرمة الأرض حين قال للبترك: «أرني موضعاً أبني فيه مسجداً» فقال البترك: «على الصخرة التي كلم الله عليها يعقوب»، فجاءها عمر فوجد عليها دماً كثيراً فشرع في إزالته وتناوله بيده يرفعه في ثوبه، واقتدى به المسلمون كافة فزال لحينه، وأمر ببناء المسجد.

كذلك يلفت النظر في وثيقة الأمان عبارة: «فإنه لا يؤخذ منهم شيء حتى يحصد حصادهم»؛ فالجزية التي هي بمثابة الضريبة في مصطلح هذه الأيام لا تستحق عليهم قبل أن يجنوا ثمارهم ويحصدوا زروعهم، وهذا إن دل على شيء، فإنما يدل على أن عمر يبتغي لأهل المدينة أن يستقروا وينعموا بثروة أرضهم التي ولدوا وعاشوا فيها، فلا غرو أن أهل إيلياء هم الذين أقبلوا على عمر يطلبون منه أن يكتب لهم وثيقة الأمان التي تمكنهم من العيش في أرضهم بسلام واطمئنان.♦

هذا ما أعطى عبد اللَّه عمر أمير المؤمنين أهل إيلياء من الأمان، أعطاهم أماناً لأنفسهم وأموالهم، ولكنائسهم وصلبانهم، وسقيمها وبريئها وسائر ملتها، أنه لا تسكن كنائسهم ولا تهدم، ولا ينتقص منها ولا من حيّزها، ولا من صليبهم، ولا من شيء من أموالهم، ولا يكرهون على دينهم، ولا يضار أحد منهم، ولا يسكن بإيلياء معهم أحد من اليهود، وعلى أهل إيلياء أن يعطوا الجزية كما يعطي أهل المدائن، وعليهم أن يخرجوا منها الروم واللصوت (اللصوص)، فمن خرج منهم فإنه آمن على نفسه وماله حتى يبلغوا مأمنهم، ومن أقام منهم فهو آمن، وعليه مثل ما على أهل إيلياء من الجزية، ومن أحب من أهل إيلياء أن يسير بنفسه وماله مع الروم ويخلي بِيَعهم وصلبهم فإنهم آمنون على أنفسهم وعلى بيعهم وصلبهم، حتى يبلغوا مأمنهم، ومن كان بها من أهل الأرض قبل مقتل فلان، فمن شاء منهم قعد وعليه مثل ما على أهل إيلياء من الجزية، ومن شاء سار مع الروم، ومن شاء رجع إلى أهله فإنه لا يؤخذ منهم شيء حتى يحصد حصادهم، وعلى ما في هذا الكتاب عهد اللَّه وذمة رسوله وذمة الخلفاء وذمة المؤمنين إذا أعطوا الذي عليهم من الجزية. شهد على ذلك خالد بن الوليد، وعمرو بن العاص، وعبد الرحمن بن عوف، ومعاوية بن أبي سفيان وكتب وحضر سنة خمس عشرة.

إننا نلحظ أن أهل إيلياء طلبوا أن يصالحوا أبا عبيدة، ولكن على أن يتولى العقد عمر بن الخطاب. ولا شك أن الذي دفعهم إلى هذا الشرط هو ما رأوا من عدل هذا الخليفة رضي الله عنه، ولا سيما أن أهل إيلياء ـ وفق ما ذكر الطبري ـ كانوا قد أشجوا عمراً (أي ابن العاص)، ولم يقدر عليها ولا على الرملة، وقد كانت الوثيقة وثيقة أمان فعليّ تبيح لكل منهم أن يقيم في إيلياء أو أن يخرج منها بلا أي حرج، فهو يقيم آمناً على داره وأهله ومقدّساته، وله أن يؤدي طقوسه الدينية بحرّية تامة، من دون خوف من هيمنة الروم أو اعتداء اللصوص عليهم؛ فالمعاهدة ـ كما هو واضح ـ هي عملية تحرير للأرض وإقرار أصحابها فيها.

اقتران القول بالفعل

وقد قرن عمر بن الخطاب قوله بالفعل حين دخل بيت المقدس وجاء كنيسة القيامة فجلس في صحنها، وحان وقت الصلاة، فقال للبترك: أريد الصلاة، فقال له: «صلّ موضعك»، فامتنع عمر عن الصلاة في صحن الكنيسة، بل صلّى على الدرَجة التي على باب الكنيسة منفرداً، فلمّا قضى صلاته قال للبترك: «لو صليتُ داخل الكنيسة أخذها المسلمون بعدي وقالوا هنا صلى عمر»، وكتبَ لهم أن لا يُجمعَ على الدرَجةِ للصلاة ولا يؤذّن عليها، فقد حافظ عمر على حرمة هذه الكنيسة، كذلك حافظ على حرمة الأرض حين قال للبترك: «أرني موضعاً أبني فيه مسجداً» فقال البترك: «على الصخرة التي كلم الله عليها يعقوب»، فجاءها عمر فوجد عليها دماً كثيراً فشرع في إزالته وتناوله بيده يرفعه في ثوبه، واقتدى به المسلمون كافة فزال لحينه، وأمر ببناء المسجد.

كذلك يلفت النظر في وثيقة الأمان عبارة: «فإنه لا يؤخذ منهم شيء حتى يحصد حصادهم»؛ فالجزية التي هي بمثابة الضريبة في مصطلح هذه الأيام لا تستحق عليهم قبل أن يجنوا ثمارهم ويحصدوا زروعهم، وهذا إن دل على شيء، فإنما يدل على أن عمر يبتغي لأهل المدينة أن يستقروا وينعموا بثروة أرضهم التي ولدوا وعاشوا فيها، فلا غرو أن أهل إيلياء هم الذين أقبلوا على عمر يطلبون منه أن يكتب لهم وثيقة الأمان التي تمكنهم من العيش في أرضهم بسلام واطمئنان.♦