مجلة العودة

كلمة العودة: الصورة واضحة.. وبدون «ويكيليكس» - رئيس التحرير

الصورة واضحة.. وبدون «ويكيليكس»

 

منذ انطلاق فضائح موقع «ويكيليكس»، وخصوصاً في الدفعة الأخيرة من وثائقه، بات الكثير من المسؤولين المؤثرين في القضية الفلسطينية يتحسسون رقابهم كل صباح، يبحثون في الصحف عن أسمائهم وأدوارهم.

لطالما قلنا إن هناك تواطؤاً أمريكياً إسرائيلياً يهدف إلى استمرار الاستيطان العنصري وتوسعه في الضفة الغربية، لكن الجهات المعنية لم تشأ أن تصدق أو تُقرّ بهذا التواطؤ. ولكن عندما فضحها موقع «ويكيليكس»، أصبح الأمر قابلاً للتصديق!

ولطالما قلنا إن قطاع غزة يتعرض لمؤامرة دولية تشارك فيها أطراف عربية، تكره المقاومة وتسعى «بإخلاص» إلى التطبيع مع الاحتلال. وقد كشف موقع «ويكيليكس» أن هذه الأطراف تتعامل مع قطاع غزة من منطلق التجاذبات المحلية، والسعي إلى تحقيق رضا أمريكا من أجل سلطة يترنح رأسها. أصبح الأمر قابلاً للتصديق!

ولم يقتصر التواطؤ على هذا الحصار، بل وصل إلى حدّ الرغبة في حدوث الضربة العسكرية واستمرارها والتعاون مع الاحتلال للضغط على المقاومة والشعب في غزة.

ولطالما أعلن الفلسطينيون المدوّرون على السجون، أن السلطة في رام الله تنسق مع الاحتلال للقضاء على المقاومة، وأن المشرف على الجانب الأمني هو الجنرال الأمريكي دايتون وخلفه الجنرال مولر.. فاعتبر «الإعلام الحر» أن المهنية تقتضي أن لا نصدق أقوال المتخاصمين، وأن هذه كلها افتراءات «الإرهاب» على «قوى السلام».. ولكن عندما كشفه موقع ويكيليكس أصبح الأمر قابلاً للتصديق!

ليست المرة الأولى التي يحدث هذا الأمر فيها، فالجرائم الصهيونية في النكبة كانت موضع شك في الغرب حتى صعود ظاهرة «المؤرخين الجدد»، وبقيت أرواح أكثر من مئتي شهيد في مجزرة الطنطورة طيَّ النسيان، ولم تفلح الجهود العربية في فضح هذه المجازر. وحوصرت كل هذه الأحداث والأسرار بالإعلام «المهني»، وفشلنا في كسر هذا الحصار، حتى جاء طالب ماجستير يهودي وكشف عن المجزرة، فأصبح الأمر قابلاً للتصديق!

لم يصدقنا العالم، أم أنه استكمل دائرة التواطؤ علينا؟ هل علينا أن ننتظر حدثاً دراماتيكياً كإطلاق موقع «ويكيليكس» لكي يصدق العالم ما نقوله؟ وحتى يتحسس المتواطئون رقابهم؟ وحتى يتحقق الوعي في شعبنا لإدراك كل هذا التواطؤ الدولي والإقليمي والمحلي؟ وحتى يحسب الاحتلال ألف حساب قبل ارتكاب هذه المجازر؟

الخلل يبدأ من دوائرنا التي لو نقلت الحقيقة منذ البداية كما هي – بعيداً عن البكائيات أو العنتريات- لنالت ثقة العالم. أما النتائج الجيدة التي بدأت تتحقق الآن في الغرب فتعود في بعض جوانبها إلى حقيقة جرائم الاحتلال في ظل تكنولوجيا «البث المباشر في القرية الكونية»، لأن بثّ الحقيقة المجردة سيحقق الإنجاز على الصعد الشعبية والإعلامية والقانونية.. إلا أن كل ذلك يحتاج إلى استثمار يتجلى في الجهد الدبلوماسي، بعدما تحقق جزء كبير من الإنجاز على يد الناشطين والشعوب، في المجالات المذكورة..

فهل يمكن الاعتماد على الجهود الرسمية في الدوائر الدبلوماسية؟ أم سيكشف «ويكيليكس» آخر تواطؤاً لم يكن في الحسبان؟

رئيس التحرير