مجلة العودة

المخيمات في سورية ... استهداف ممنهج؟!

المخيمات في سورية .. استهداف ممنهج ؟! 
 
ماهر شاويش
 
لا يمكن فهم ما يجري في المخيمات والتجمعات الفلسطينية في سورية من تدمير وتهجير بشتى الوسائل والأساليب على أنه محض صدفة؛ فالمتتبع لمجريات الأحداث التي ألمّت بها من بداية التطوّرات السورية يدرك أنّ الزجّ بالعنصر الفلسطيني كان واضحاً وجلياً، وربّما من أطراف المشهد هناك. لكنّ الحقيقة تقتضي سرد تلك المحاولات التي بدأتها مستشارة الرئيس السوري بثينة شعبان بادعائها في مؤتمر صحافي في 2011/3/26 أنّ الفلسطينيين في مخيم اللاذقية مسؤولون عن الحراك الثوري هناك، وكانت قد سبقتها صحيفة "الوطن" المحسوبة على النظام إلى اتهام الفلسطينيين في مخيم درعا بالتهمة نفسها بتاريخ 2011/3/22.

إذاً، خلط الأوراق عبر الورقة الفلسطينية بدأه النظام من خلال التصريحات، ثم دخل حيّز الفعل عندما قُصف مخيم درعا ودُمّر 80 في المائة منه وشُرّد 98 في المائة من سكانه بذريعة استخدام المعارضة للمخيم منطلقاً لبعض أعمالها العسكرية، التي سرعان ما تراجعت عنها بعد أن خسرت المخيم كملاذ إنساني وممرّ إغاثي.

السيناريو ذاته كاد يقع في مخيم العائدين في كلّ من حمص وحماه، لولا تدارك الأهالي وتدخّلهم في اللحظة المناسبة، ومع ذلك لم يسلم كلا المخيمين من بطش النظام، ولو بدرجة أقلّ من مخيم درعا. بدوره؛ دفع مخيم الرمل في اللاذقية فاتورة تجاوره ومنطقة الرمل ذات الأغلبية السورية.

أمّا مخيّما حندرات والنيرب فذاق كلّ منهما مرارة الزجّ بهما في الحدث السوري الملتهب من خلال إثارة القلاقل مع محيطهما من أبناء الضيع والبلدات السورية، فحوصر كلّ منهما حصاراً خانقاً وظالماً لا يزالان يتجرّعان مرارته حتى لحظتنا هذه.

ربّما كان النصيب الأكبر من المعاناة ما ذاقته مخيّمات اليرموك وسبينة والحسينية على التوالي، مروراً بمخيم السيدة زينب والرمدان، ولكلٍّ من هذه المخيمات قصة ألم لا تتسع هذه السطور لشرحها؛ فتفصيلها قد يحتاج مجلّدات عبر جهد توثيقي ضخم يرصد يوميّاتها البائسة.

على خط الأزمة أُدخل مخيم خان الشيح أخيراً، فاستُبيحت أراضيه، ونُهبت بيوته ومزارعه التي لطالما آوت أخوة وأشقاء فلسطينيين وسوريين، وكانت حضناً دافئاً لهم، في ما يترقب مخيّما دنون وجرمانا بحذر حظّهما من البؤس والمعاناة.

ليس بعيداً عن المخيّمات وما حصل لها؛ ما عانته تجمّعات فلسطينية من المزيريب وجلين جنوباً، مروراً بسعسع وعرطوز والمعظمية وداريا وكفرسوسة والمزّة، وليس انتهاءً بدوما والقابون وركن الدين وبرزة؛ حيث اختلط الدم السوري بالفلسطيني دون تمييز.

والسؤال المطروح هو: مَن المسؤول عن كلِّ هذا الخراب والدمار الشامل الذي ألمّ بمخيّمات الفلسطينيين وتجمّعاتهم؟ ومن المستفيد من نكبة قاطنيها وقتل أبنائها وجرحهم؟ ولماذا لم تُوفَّر وتُحقَن هذه الدماء التي تتشدّق بعض الأصوات بالحرص عليها لمعركة العودة والتحرير؟ لا نُعفي أحداً من الإجابة عن هذا السؤال، نظاماً ومعارضة، فصائل فلسطينية وقيادة رسمية. ومن نافلة القول الإشارة إلى دور الكيان الصهيوني وأجهزة استخباراته، حيث أضحت الساحة السورية مرتعاً لكل أجهزة الاستخبارات والأمن في العالم أجمع.

إنّ تسلسل الأحداث التي ألمّت بمخيّمات الفلسطينيين وتجمّعاتهم في سورية يشي بأنّ ما حصل لها كان مُبرمَجاً ومدروساً، شاركت فيه كلّ الأطراف التي من مصلحتها شطب حقّ العودة؛ سواء بقصد أو بغير قصد.