مجلة العودة

الباحث الموسوعي الفلسطيني الدكتور شكري عراف

الباحث الموسوعي الفلسطيني الدكتور شكري عراف:

يجب على كل لاجئ فلسطيني دراسة الجذور دراسة علمية موثقة

عمل اليهود منذ أكثر من قرن على طمس أسماء الأماكن الفلسطينية

حاوره في صفد - عمر راشد

الدكتور شكري عرّاف؛ باحث موسوعي من فلسطينيي 1948 أشهر من أن يُعرّف، وتضيق هذه السطور على إنجازاته الكثيرة، فقد أصدر حتى الآن ستة وعشرين كتاباً تناولت مختلف الأحجام والموضوعات، ومنها ما صدر في عدة أجزاء، ولديه أربعة كتب موسوعية تحت الطبع.

ولد الدكتور شكري عرّاف في 20 كانون الثاني/يناير 1931 في معليا، في الجليل الأعلى من فلسطين. حاز دكتوراه في تاريخ الشرق الأوسط عام 1985 (في الرابعة والخمسين من عمره)، له أكثر من 20 مؤلفاً تدرس الجذور العربية في فلسطين، وتؤصل للوجود الفلسطيني (عائلياً واجتماعياً وتراثياً وقروياً ووقفياً وعقارياً)، منها: «الأرض: الإنسان والجهد»، «القرية العربية الفلسطينية»، «المواقع الجغرافية في فلسطين – الأسماء العربية والمسميات العبرية».

التقيناه في صفد خلال جولته على القرى ليكتب عن المساجد والمعالم الأثرية فيها، في إطار تأليفه لكتاب «تاريخ المساجد في فلسطين»، وكان لنا معه حوار بدأناه من الآخر:- ما هي آخر إنجازات وأبحاث الدكتور شكري عراف؟

> آخر الإنجازات هو كتاب «لمسات وفاء»، يتحدث عن تهجير عام 1948 في منطقة سهل الكرمل والجليل الأعلى والأسفل ومرج بن عامر.

كما يتحدث عن دور القرى والمدن المضيفة وخاصة القرى الدرزية، قرى طرعان وشفاعمرو وكفر مندا وسخنين وعرابة ودير حنا وغيرها، لكن أخص بالذكر مدينة الناصرة؛ باديتها وجامعها (الجامع الأبيض) وبعض بيوتها ويافا الناصرة.

يوضح هذا الكتاب مدى المساعدات التي أحاطت باللاجئين الذين هربوا من ساحة القتال وطُردوا من بيوتهم خلال الحرب.

كتابي يفي هؤلاء الناس صنيعهم الإنساني باسم 300 ألف لاجئ داخلي وحوالى عشر قرى بقي سكانها فيها نتيجة توسُّط بعض الجهات لدى السلطات الإسرائيلية.

- ماذا أراد د.شكري من كتاب القرية العربية الفلسطينية؟

> هذا الكتاب يدرس مبنى هذه القرية العربية الفلسطينية، واستعمالات الأراضي، وولادات بعض القرى ووفيات أخرى، وتعداد سكان كل قرية من سنة 1596 إلى سنة 1995؛ يوم إصدار الكتاب. والقرى التي دمرت والمستوطنات التي أقيمت على أراضيها.

- كيف يمكن للاجئ الفلسطيني أن يحافظ على هويته؟

> يجب على كل لاجئ فلسطيني دراسة الجذور دراسة علمية موثقة من مصادر موثوق بها لا تزيّف التاريخ، وحذارِ من الانجرار وراء كل مصدر يتحدث عن هذه الجذور، فهذه الجذور جذور وطنية قومية عربية وإسلامية.

- لقد تم تكريمكم من عدة جهات آخرها في قريته معليا، لكنك قلت لهم إن أضخم تكريم بالنسبة لك هو تكريم الحركة الإسلامية، ماذا قصدت بذلك؟

> كان ذلك التكريم في دار القرآن الكريم في كلية الدعوة الإسلامية في أم الفحم 1993 إثر صدور كتاب « طبقات الأنبياء والأولياء الصالحين في الأراضي المقدسة»، فيه وثّقتُ 2571 موقعاً إسلامياً بما فيها أوقافها ومقدساتها. وبالتالي من شأن ذلك أن يحافظ على هذا التراث ويستعيده ولو بعد حين.

تقييمي للتكريم هو أول تكريم ذي بال وذي أثر إيجابي في نفسي كإنسان عربي غير مسلم (مسيحي)، بل أنا أعتبر أن تكريمهم لي كان كبيراً جداً وضخماً جداً في استطاعته أن يخترق هذه الحواجز الدينية، وأن يتم تفهّم الآخر ومجهود الآخر، لأن ذلك يصبّ في مصلحة الجهد العربي الفلسطيني الإسلامي.

- هل تؤثر كتاباتك وأبحاثك الكثيرة (26 إصداراً) في الجيل الجديد حسب تقديرك؟

> لا شك أن هذه البذور تترك أثراً إيجابياً في الأجيال القادمة إذا درست هذه الكتب والأبحاث. وبإمكان كل طالب جامعي وأكاديمي في أي بحث يخصّ الجذور الفلسطينية أن يتوجه إليّ، وأنا مستعدّ لبذل المساعدة والمعونة له.

اليوم، ما زال لديّ الكثير مما لم ينشر حتى الآن، وكل ما جمعت من أوراق ومن دراسات أرجو أن أجد من يموّله لكي أستطيع أن أُثْري المكتبة العربية والإسلامية بها.

لقد عمل اليهود منذ أكثر 120 عاماً (منذ 1878) على طمس أسماء القرى والمدن الفلسطينية و«عبْرَنَتها»، فهذه «ملبّس» تصبح «بيتَح تكفا» والتي تعني باب الأمل، وهذه «الجاعونة» تصبح «روش بينا»، أي رأس الزاوية، وهو مصطلح توراتي.

وأصبح ذلك رسمياً في سنة 1922، حين شكّلت الوكالة اليهودية لجنة أسماء لإطلاقها على المستوطنات الجديدة والقرى القديمة.. ومنذ ذلك التاريخ حتى 1948، تم تغيير أسماء 216 موقعاً. وفي أول ثلاث سنوات للنكبة قررت لجنة حكومية تغيير أسماء 198 موقعاً آخر. وفي السنتين التاليتين (1951-1953) وبعد أن أُلحقت اللجنة بديوان رئيس الوزراء وانضم إليها 24 من كبار علماء التاريخ والتوراة، تم تغيير 560 اسماً، وما زالت المحاولات سارية حتى اليوم.

وقد تمت «عبرنة» 7000 اسم لمواقع فلسطينية على الأقل، فضلاً عن الأسماء التاريخية والمواقع الجغرافية (أكثر من 5000 موقع) وأكثر من 1000 مستوطنة.

- كتبت عن النبتة حتى الحجر والإنسان، ما هو سرّ التنوع في الكتب والموضوعات؟

> أردت من وراء ذلك التنوع إزالة جهل المعلمين والناس والمربين والآباء والأمهات في جذورهم، حتى لو كانت هذه الجذور نبتة أو شجرة أو حجراً أو ينبوع ماء، أو وادياً أو جبلاً.. إلخ، وإن ما ينقص شكري عراف هو التمويل. لكي يكمل في هذا الطريق.

- ما هي كتب الدكتور شكري التي ما زالت تحت الطبع؟

> أعكف في هذه الأيام على إنجاز كتاب «تاريخ المساجد في فلسطين»، وكتاب «المستوطنات اليهودية من عام 1878 إلى اليوم»، وكتاب «مصادر الأسماء الفلسطينية تاريخياً»، وكتاب «موسوعة المياه الفلسطينية».

- ماذا تقول، في كلمة، لفلسطينيي الشتات؟

> أيها الفلسطينيون انتبهوا، عليكم التمسك بجذوركم، وشرح القضية في وسائل الإعلام بهدوء بدون عصبية، وأهم قضية هي التواصل مع الأهل في البلد والمخيمات.♦