مجلة العودة

فلسطينيو لبنان :تجاوزوا الحصار من خلال العالم الافتراضي

الفلسطينيون في لبنان

تجاوزوا الحصار من خلال العالم الافتراضي
 
 
أحمد الحاج /بيروت

 
 
 عجزوا عن اللقاء على أرض الواقع، فاختاروا اللقاء عبر الفضاء، أو عبر العالم الافتراضي. هذه حال الفلسطينيين في لبنان مع واقع مخيماتهم المحاصرة، التي يُدخَل إليها عبر حواجز عسكرية، وأحياناً بتصاريح مسبقة. ولم يعد سهلاً الانتقال من مخيم إلى آخر؛ فأصبح التواصل عبر شبكات التواصل الاجتماعي، وأشهرها الفايسبوك، أو تقصي أخبار المخيمات الأخرى عبر المواقع على الشبكة العنكبوتية.
 
 
 إن الفلسطينيين في لبنان، وخصوصاً بعد انتهاء الحرب الأهلية اللبنانية عام 1990، بدأوا يشعرون بالفراغ السياسي الكبير، الذي أحدثته هجرة النخب السياسية والاجتماعية، والانقسام الفلسطيني المتزايد يوماً بعد يوم، الذي كان عائقاً أمام النضال لنيل الحقوق الاجتماعية والإنسانية للفلسطينيين في لبنان. هذا الشعور، وهذه الحاجة، دفعا بعض النخب الفلسطينية إلى محاولة إيجاد حراك هدفه الدفع باتجاه إنشاء مؤسسات فاعلة تقدّم خدمات للمجتمع الفلسطيني أولاً، وتكون أداة للضغط على القيادات الفلسطينية المحلية لتشكيل مرجعية فلسطينية تتحمّل مسؤولياتها تجاه ما يعانيه الفلسطينيون في لبنان.

إن هذا الحراك الفلسطيني كان دائماً يصطدم بعقبة حريّة التحرّك بين المخيمات الفلسطينية، وصعوبة التواصل الدائم، الذي فرضه واقع حصار معظم المخيمات الفلسطينية، أو حتى ارتياب بعض الأحزاب الفلسطينية في المخيمات من أية حراك اجتماعي يتجاوز حضورها. وكانت تعدّه تحدياً لها.

 
 

قبل أعوام قليلة، بدأت تظهر مواقع فلسطينية لبعض المخيمات الفلسطينية، تشرح واقعها وهمومها، وتضع بعض المشروعات الطموحة لتحسين أوضاع المخيمات. وقد كان أشهر هذه المواقع على الإطلاق موقع مخيم نهر البارد، وذلك قبل تدمير المخيم:  www .nahralbared .com . واستطاع هذا الموقع أن يكون نقطة تواصل بين أبناء المخيم، القاطنين والمهاجرين على حدّ سواء، بل تعدّى ذلك ليكون نقطة تواصل بين كلّ أبناء المخيمات الفلسطينية في لبنان، وخاصة أن مخيم نهر البارد كان يشهد نهضة اقتصادية كبيرة، إضافة إلى حراك اجتماعي واعد، وكان المثال الأبرز على هذا الحراك إنشاء جمعية القلب المفتوح في المخيم، لمساعدة مرضى القلب.

 
 

تبع إنشاء موقع مخيم نهر البارد إنشاء عدة مواقع على الشبكة لعدد من المخيمات الفلسطينية في لبنان، حتى إن بعض المخيمات حظي بأكثر من موقع؛ فمخيم البداوي، على سبيل المثال، له موقعان مهمّان: وأكثر ما يلفت في المواقع الفلسطينية أن المشترك بينها هو الحرص على ذكر الوفيات. وعند سؤالنا أحد المشرفين أجابنا بأن ذلك متعلّق بالخشية المتزايدة بين الفلسطينيين من أننا نفقد بعض ذاكرتنا من خلال وفاة بعض المعمّرين، "فهذا تمسّك بالذاكرة، وخوف على ضياعها". 

التعامل مع مواقع التواصل الاجتماعي بدا أكثر حضوراً بعد نجاح عدد من الثورات العربية. وتشير بعض التقديرات إلى أن عدد المستخدمين العرب لهذه المواقع بلغ نحو31 مليون مستخدم، بتأثير من تلك الثورات. فلسطينياً، لكل مخيم صفحة أو أكثر. وما يُلاحظ في تلك الصفحات التفاعل مع الأحداث الوطنية الفلسطينية، حتى إن الدعوة إلى مسيرة العودة في 15 أيار/ مايو الماضي بدأت من الفايسبوك، وكان الحشد من خلال هذا الموقع الاجتماعي.

 
 

موقع لاجئ نت  www.laji-net.net

 

من المواقع الفلسطينية المهتمة بقضايا اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، ويعمل على نقل الأخبار كما هي ونشرها عن مصادرها الأساسية، وتغطية كافة أخبار الفصائل والأطياف السياسية والشعبية والمؤسسات الأهلية الفلسطينية واللبنانية التي تتناول الموضوع الفلسطيني في أنشطتها ومناسباتها، وإجراء المقابلات السياسية مع مسؤولي الفصائل كافة.

ويقول الإعلامي سامي حمود، المشرف على الموقع، إنَّ أهم التحديات التي تواجههم، إنشاء شبكة من المراسلين الدائمين في كافة المخيمات والتجمعات الفلسطينية، والتغطية اليومية لكافة الأخبار، بالإضافة إلى إعداد التقارير والتحقيقات وإجراء المقابلات، وهو ما لا يفي به التطوع المجاني للمراسلين، بل يحتاج إلى تفريغ أشخاص لهذه المهمة، وهذا يتطلب ميزانية يصعب توفيرها في وضعنا الحالي.

أما عن المشاريع المستقبلية ورؤيتهم لتطوير الموقع، فيضيف حمّود: إننا نسعى في الشبكة إلى مرحلة تُصبح فيها مرجعاً إخبارياً فلسطينياً متطوراً، تنقل عنه الوكالات المحلية والعربية. وبالفعل، وصلنا إلى درجة معينة من هذا الأمر؛ إذ تنقل بعض الوكالات الأخبار الحصرية التي تنشرها شبكة «لاجئ نت» عبر موقعها.

كذلك فإننا بصدد عملية تطوير لموقع الشبكة بالتنسيق مع شركة متخصصة في البرمجة، نُريد من خلالها الاستفادة من التقنيات والمزايا الحديثة لخدمة الموقع وسرعة تنزيل الخبر ونشره.

ينظر الفلسطينيون اليوم في لبنان باهتمام كبير إلى سرعة انتشار المعلومة والخبر، وخصوصاً أنهم يعيشون اليوم عصر الإعلام الجديد الذي يُعرف باسم «النيوميديا»، الأمر الذي يُعَدّ منبراً مهماً ليصل صوت قضيتهم العادلة إلى العالم.