مجلة العودة

كلمة العودة: «الأونروا».. رغم الملاحظات، متمسكون بها

«الأونروا».. رغم الملاحظات، متمسكون بها

بعد ستين سنة مرّت على إنشاء وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا»، هناك من يريد أن يلغي دورها، إذ إن عملية «تجفيف مواردها، وربط الدعم بالموقف السياسي» ظاهرة للعيان، وبدأت آثارها تظهر جليّة فأصبح العجز المادي في الوكالة عائقاً واضحاً، بحيث منعت في البداية انطلاق عدد من المشاريع الواعدة، وجُمِّدت أخرى، حتى وصل الأمر إلى «آخر الحصون»؛ أي قطاع الخدمات. فلم يعد تقليص الخدمات حالة طوارئ، بل أصبح سياسةً عامة اعتادت عليها الوكالة والأطراف الداعمة واللاجئون، وذلك لأن العجز أصبح معتاداً ومقبولاً، والعجز المتوقع للعام القادم –يقولونها ببساطة أحياناً- يفوق 50 مليون دولار.

رغم كل هذا التراجع يظل الشعب الفلسطيني متمسكاً بالوكالة، ولا يُفرّط بها، لأن إنهاءها لن يكون إلا مقدمة لإنهاء ملف اللاجئين وحق العودة. وها قد بدأت نتائج الاستطلاع الذي أجراه مركز العودة الفلسطيني في لندن ومنظمة «ثابت» لحق العودة في بيروت وتجمع العودة الفلسطيني «واجب» في دمشق، لتقول إن الفلسطينيين رغم كل ملاحظاتهم على أداء الوكالة ورغم أن نحو 70% غير راضين عن أدائها، إلا أن 92% من المستطلَعة آراؤهم أكدوا تمسكهم باستمرار «الأونروا» في تقديم خدماتها للاجئين.

ما يعنينا بالدرجة الأولى، هو أن هذه السياسة (سياسة تجفيف الموارد والعجز الدائم) ستؤدي حتماً إلى خنق «الأونروا»، وإلغاء دورها الإغاثي والرعائي، ومن ثمّ إلغاء وجودها.

«الأونروا» لم تكن يوماً هيئةً إغاثيةً فقط، فهي تمثّل الكثير بالنسبة إلى الشعب الفلسطيني. وقد أصبحت على امتداد ستين سنة جزءاً من اللاجئين، إن لم نقل ظِلاً يرافقهم ومرآة تعكس حياتهم ونكباتهم في المجتمع الدولي.

«الأونروا» هي الشاهد على الجريمة المركّبة، التي ارتكبها الاحتلال وساهم فيها -بدرجات متفاوتة- معظم الأطراف الدولية ومعهم الأمم المتحدة.

«الأونروا» هي خزان الوثائق الفلسطينية التي تضم نفوسهم وتاريخهم وتَوزُّعهم الجغرافي، والعلاقات والصلات بين أفرادهم وأسرهم وعائلاتهم وعشائرهم، بشهادة دولية موثّقة.

«الأونروا» هي الضحية أيضاً مع الشعب الفلسطيني، حيث تعرّضت لما تعرض له، وأصيبت مؤسساتها بالاعتدءات الصهيونية على شعبنا، كما حدث في غزة حين قُصفت مدارسها ومخازنها، واعتُدي على الكثير ممن يحملون بطاقاتها، بل هي الآن تتعرض للمؤامرة نفسها التي تتعرض لها قضية اللاجئين؛ أي تصفيتها.

«الأونروا» هي توأم النكبة الذي لا ينفصم ولا ينفك، أنشئت بسببها، وعملت في ظلها، وجهدت لتخفف معاناة أبنائها، وعاشت الظروف نفسها. لذلك فإن وجودها حاجة وضرورة للشعب الفلسطيني، ومن غير المسموح انهاؤها، حتى لو انتفت حاجته للمعونات والغوث. فالدور الأول المنوط بالوكالة هو بقاؤها شاهدة سياسية على النكبة، وخصوصاً أن الغرب يراها ولا يرى «النكبة»، ولا يمكن إنهاء دورها ما لم تنتهِ النكبة ومفاعيلها. وحذارِ من أي صوت فلسطيني أو عربي يتماهى مع المطلب الدولي في القضاء على هذه الهيئة الدولية..
 
 
رئيس التحرير