مجلة العودة

كلمة العودة: بعد اللقاء الثلاثي في نيويورك.. إلى أين يذهبون بالقضية؟

بعد اللقاء الثلاثي في نيويورك.. إلى أين يذهبون بالقضية؟

لم يكن يوماً الرهان على الإدارة الأمريكية رابحاً، بل كانت النتائج دائماً مخيبة، سواء من مهادنتها أو الارتماء بأحضانها. وفي المقابل لم نتعلم يوماً من دروس هذه العلاقة، وصدق من قال: إن التاريخ لا يكرر نفسه بقدر ما يكرر الأخطاء مع الذين لا يتعظون.

أما آن الأوان لنا أن نتعلم من أخطائنا، فلا نُقْدم على خطوات غير مدروسة، ولا نقدّم كل ما لدينا من التنازلات دفعة واحدة (إذا جاز التنازل أصلاً) من أجل إظهار حسن النيّات.

ألم نتعلم أن التعويل على الأشخاص، مهما كان ماضيهم ناصعاً، ومواقفهم متضامنة مع قضايانا، وكلامهم معسولاً حين يكونون في ضيافتنا.. فالأمر لا يتعلق بالشخص، بل بالمؤسسة والإدارة الأمريكية. فمهما كانت مميزات باراك أوباما، فلن يكون فلسطينياً.. ومهما كانت أخلاقه ومواقفه، فلن يكون مع قضايانا، ما دام قد سكن البيت الأبيض. ولنا في الرئيس الأسبق جيمي كارتر عبرة. وكذلك الأمر في تصريح طوني بلير الأخير الصارم تجاه الاستيطان.

فالوعود التي منّى البعض نفسه بها، لن تحقق يوماً هدفاً فلسطينياً، ما دامت هي في مرحلة الكلام، ولو كانت في خطاب «خُلّبي» في جامعة القاهرة.

في 22/9/2009، التقى أوباما مع نتنياهو وعباس، وكان واضحاً تراجع الموقف الأمريكي من قضية الاستيطان، الذي انزلق من موقف الرفض واعتباره غير شرعي، إلى المطالبة بوقفِهِ ثم تجميدِهِ ولجمِهِ (وذلك يعنى بدون تجميل: تقنينه!)، وهو ما يقدح بـ«صدقية» أوباما، الذي ظن أنه من خلال هذا التراجع، سيعيد طرح نفسه أمام الإسرائيليين وسيطاً للسلام على حساب شعبنا وقضيتنا!

إذاً، ها هي الإدارة الأمريكية، مرة أخرى، تثبت بجدارة، انحيازها إلى الموقف الإسرائيلي، الذي بلغ أقصى حدود التطرف، مع حكومة نتنياهو وليبرمان.. وهذا التراجع سيُغري نتنياهو والطرف الصهيوني بمزيد من التشدد والتطرف والإرهاب، ومزيد من الاستيطان في الضفة والقدس.

لقد بات لزاماً على القوى الفلسطينية جميعاً، أن تدرك بوضوح أنه لا مفر من الحوار والمصالحة، وأن السبيل الوحيد لموقف فلسطيني قوي هو كلمة واحدة وموحدة، وأن المفاوضات التي يجب أن نبذل لها الجهد الكبير هي المفاوضات الداخلية ولمّ الشمل الداخلي من أجل توحيد الجهود في مواجهة المشروع الصهيوني.. لأن وضع العقبات والعراقيل أمام الحوار الداخلي سيزيد من حدة الانقسام، وقوة العدو واستقوائه.

آن للجميع، أمام انحياز واشنطن الواضح الفاضح، وتوفيرها الغطاء لنتنياهو لمزيد من الحصار على غزة، ومزيد من الاستيطان، وتهويد القدس والاستمرار في مشروع يهودية الدولة، والتملص من التزاماته. آن للجميع، أن يتنبهوا إلى أن المزيد من المفاوضات العبثية، يعني المزيد من السير في الطريق الخاطئ، وأن هذه الطريق، لا تؤدي إلا إلى الهاوية.

فهل يُعقل أن تكون العتمة الدولية حالكة إلى الحدّ الذي لا ندرك فيه إلى أين نحن ذاهبون؟!

رئيس التحرير