مجلة العودة

كلمة العودة: ماذا تريد فلسطين من القمة العربية؟

ماذا تريد فلسطين من القمة العربية؟

ليس من المبكر الحديث عن جدول أعمال القمة العربية المنتظر في الشهر القادم، فمن المفترض أن تكون خطوطه الأولى قد رُسمت، ويجري العمل هذا الشهر على تفصيلاته.

منذ القمة الأولى وتأسيس الجامعة العربية، لم تغب فلسطين عن جدول أعمال القمم وأعمال الجامعة. وما زالت تحتل القضية الفلسطينية المساحة الأولى فيها، لكن المساحة والكمّ أمر مختلف عن الموقف ونوعيته.

لن نعقد الآمال الكبيرة ونطلب من القمة العربية تحرير فلسطين، مع أن جامعة الدول العربية قامت على خلفية القضية الفلسطينية والعمل على تحريرها.

لن نطالب القمة بـ«لاءات» واضحة وصريحة، تُرفع في وجه الاحتلال والوسطاء غير النزيهين، وتدعم الشعب الفلسطيني وصموده في أرضه، وترفض التطبيع مع العدو في البلاد العربية، بل تطارد التطبيع الخفي؛ السياسي منه والاقتصادي والثقافي والاجتماعي.. فهذه القضايا، للأسف، باتت خلف ظهر القمم العربية، وتطبّعت الأقطار العربية مع الوضع القائم.

ولن نطالب بسحب المبادرة العربية، والانتقال من مرحلة الدفاع عن الحق العربي إلى الهجوم على شرعية وجود الكيان الغاصب على أرضنا في فلسطين، رغم أن المبررات السياسية والأدوات القانونية متوافرة، ورغم أن وجود «إسرائيل» في الأمم المتحدة باطل سياسياً وقانونياً.

ولن نطالب باستعادة الخطاب التعبوي الثوري، والاهتمام بالمجهود الحربي وإعداد الجيوش والتوازن الاستراتيجي مع الكيان الغاصب، فهذا أصبح محكوماً بموافقة ما يسمى المجتمع الدولي.

ولكننا نطالب ونتطلع..

نتطلع أن تلبّي القمة العربية ما تفرضه المسؤولية الإنسانية والإسلامية والعربية والأخوية، فمن المؤسف حقاً أن يمرّ الأوروبيون المتضامنون مع فلسطين في بلادنا، فنلوّح لهم بأيدينا كأنهم سيّاح ذاهبون لزيارة آثار حجرية. وفوق ذلك، أن نمنعهم الوصول إلى المكان الذي يؤدون فيه مهمتهم. ومن الجارح أيضاً، أن تتسابق الشعوب العربية إلى التضامن مع الشعب الفلسطيني، فيما تبقى الحكومات في موقف المتفرج، إن لم تكن في موقف المانع، أو المترقب للتوجيه الأمريكي في المنطقة.

ونتطلع إلى موقف عربي واحد من هذا الاحتلال، ورأي ملزم للجميع (فوق الطاولة وتحتها).. ونطالب القمةَ العربية بإلزام الدول الأعضاء دعمَ القضية الفلسطينية والعملَ على فك الحصار عن مليون ونصف مليون فلسطيني في قطاع غزة، أو على الأقل، عدمَ المشاركة في تشديد الحصار بالجدار الفولاذي و«تلقين الدروس للمتضامنين الأجانب».

ونتطلع إلى موقف عربي حازم وعازم يدعم اللاجئين الفلسطينيين في أماكن إقامتهم، ويوفر لهم العيش الكريم، ويستعيد بنود بروتوكول الدار البيضاء 1965 في التعامل مع الفلسطينيين اللاجئين، ويتعهد بالعمل على عودتهم إلى ديارهم وبيوتهم التي أُخرجوا منها، ودعم نضالهم من أجل هذه العودة.

ونتطلع إلى موقف إجماع عربي داعم للمصالحة الفلسطينية. فقد أثبتت التجربة أن التعاون بين الأقطاب العرب هو الذي يثمر حلاً توافقياً، وما المانع من انتقال ساحات الوفاق العربية بين الطائف ومكة والقاهرة والدوحة؟!

إذا أراد العرب توحيد الموقف، فلن يجدوا مثل القضية الفلسطينية ما يتفقون عليه، فإذا كان اتفاقهم في مصلحة الشعب الفلسطيني، فهو خير، ولا داعي للخوف من الموقف الأمريكي، والمثال التركي واضح. أما إذا وحّدوه في غير مصلحة شعبنا، فعليهم أن يخافوا، ولكن هذه المرة.. من الله والشعوب، وفي تركيا أيضاً مثال على ذلك.

رئيس التحرير