مجلة العودة

كلمة العـودة: معركة المقدسات نحو انتفاضة ثالثة

معركة المقدسات نحو انتفاضة ثالثة

كما في عام 1996، وانتفاضة النفق، يصرّ رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو وفريقه العنصري الإرهابي على فتح معركة المقدسات، وإعلان ذلك بعجرفة وتحدّ.

ونتنياهو بذلك يكرر خطأه السابق، ويفتح الحرب على العالم، لا على الفلسطينيين فقط. وبغض النظر عن موقف المجتمع الدولي النهائي، هذا المجتمع لا يستطيع تحمل قفزات واسعة من هذا النوع من دون تحضير وتراتبية في الخطوات، ونتنياهو محترف الهروب إلى الأمام، كسائق الدراجة الذي كلما اختلّ توازنه أسرع بها كي لا يقع على جنبه، من دون أن يكترث في ما إذا كان الاتجاه الذاهب إليه ينتهي بهاوية سحيقة أولا.

وهو بذلك لا يتحدى الفلسطينيين والعرب والمسلمين فحسب، بل يتحدى المجتمع الدولي كله، ويزداد عدوانية ونشوة حين يعلن ذلك بوجود نائب الرئيس الأمريكي في فلسطين المحتلة.

أهل القدس يعيشون طوال 43 عاماً تحت احتلال عنصري تهويدي بوتيرة يومية، واغتصاب البيوت ومصادرة الأملاك وحرق الأرزاق وقضم المساحات. قهر دائم، تشريد مستمر، معاناة صامتة، تغيير معالم، إحلال سكاني، حتى تغيير القدس بحجب صورتها النمطية بأبراج عالية تغطي صورة المسجد الأقصى بقبّتيه الذهبية والفضية. أو إضافة قبة بيضاء أعلى منهما على المنظر العام للمدينة المقدسة، ليقول إن القدس بثلاث قباب، وأن القباب ليست إسلامية دائماً.

هذه المعاناة التي كانت تسير ببطء طوال أكثر من أربعين سنة، تسارعت وتضخمت ككرة الثلج، وبدأ الاحتلال فرض الوقائع بقوة على الأرض، في سباق مع الزمن لتحقيق مراده في غضون سنتين لا أكثر.

واضح أن جبهة المقدسات قد فتحت، وأن الصراع دخل مرحلة جديدة وحساسة، لا تبدو مآلاتها واضحة للجميع. لكن شعبنا قرأ الرسالة وفهمها، واتخذ قراره لخوض التحدي، وردّ بالشكل المناسب، وإن لم يكن بالقوة المناسبة. لكن البدايات تكون دائماً هكذا، الانتفاضة الأولى والثانية بدأتا بالحجارة والصدور العارية. وكانت انتفاضتان غيرتا وجه المنطقة ومفاهيم الصراع.

مشكلة هذه المواجهات أنها تاتي في الزمن الفلسطيني الأصعب مع قياداته الممسكة بقراره، قيادات تردّ على الاحتلال بالورود والتصريحات «المنطقية الراقية» والعتب الناعم والشكوى لأصدقاء الاحتلال، وتهدد بأنها «ستزعل» من نتنياهو إذا استمر بانتهاكاته.. «وعلى بال مين يللي بترقص بالعتمة؟!».

إصرار غريب! عباس يصرّ على «المقاومة بالسلام، ولا شيء غير السلام»، وفياض يصرّ على «الدولة تحت الاحتلال بالحدود الممكنة»، ودحلان يصرّ على «عدم السماح للعدو بتحقيق أهدافه الخبيثة بجرّ الفلسطينيين إلى دائرة العنف وما يسمى الانتفاضة الثالثة». مسؤول ملف القدس السابق في حكومة رام الله حاتم عبد القادر يتهم السلطة برفض دعم القدس وفلسطينييها في الدفاع عن المقدسات، ومنع التحرك والتظاهر.

نتنياهو يتحدى الغرب، ويحرق الجسور معه، وشعبنا قرأ الرسالة جيداً، والبديل من الانتفاضة الثالثة، ليس إلا مزيداً من التنازلات والخسائر.. وقد آن الأوان!

رئيس التحرير