مجلة العودة

كلمة العودة: نعم.. شعبنا قادرٌ ويمكن الانتصار

نعم.. شعبنا قادرٌ ويمكن الانتصار

كان مؤسفاً أن لا يلقى تقرير رئيس لجنة تقصي الحقائق في غزة القاضي ريتشارد غولدستون إجماعاً خلال الشهر الماضي، فشهدنا على الساحة الداخلية والخارجية سجالات سياسية عنيفة بسبب قرار تأجيل التصويت على التقرير في مجلس حقوق الإنسان الدولي، وخصوصاً أن هذا التقرير الأممي عن ارتكاب جرائم حرب يتضمن 127 بنداً، منها 124 بنداً يدين «إسرائيل«.

تعاظم الغضب الشعبي على من اتخذ القرار، وحاول الجميع التنصل من المسؤولية، بعدما ظن البعض أن بئر التنازلات لا قعر لها.. وأن الضغط الأمريكي الإسرائيلي أكبر من أن نتحمله في صراعنا مع الاحتلال، وبالمقارنة بين الضغطين الشعبي والدولي، تبين أن الضغط الشعبي أثقل وزناً، ومرّر التقرير مرة أخرى إلى التصويت، ونال أغلبية مريحة (27 صوتاً مع التقرير، مقابل 6 ضده، والباقي 10 أصوات امتنع أصحابها عن التصويت).

يؤكد هذا التصويت أن أوراق اللعبة ليست دائماً بيد الولايات المتحدة الأمريكية، وفي ظل حالة الانهزام المسيطرة يمكن تحقيق اختراقات. إذ ليس هناك انتصار كامل وهزيمة كاملة، فتحقيق الانتصارات ليس صعباً، والأدلة تنتصب أمام كل من له عين وهو شهيد، منذ ما قبل ثورة القسام حتى اليوم، وقد تكثّفت هذه الحالات أخيراً في الانتفاضتين وتحرير جنوب لبنان 2000 وحرب تموز 2006، وحرب غزة في الشتاء الماضي. لذلك فإن مقولة «ليس لدينا أوراق قوة أو ضغط»، هي مقولة خاطئة.. فالأوراق كثيرة، ولكن التحدي هو في إتقان استخدامها.

هذا التصويت هو ملف جديد من ملفات الانتهاكات الإسرائيلية لحقوق الإنسان، يُضاف إلى مجلد ضخم يُشكل مخزوناً لا يستهان به من الإدانات بجرائم الحرب. هذا المخزون سيكون سلاحاً فتاكاً تجاه «إسرائيل» إذا أحسنّا استخدامه، وتابعناه «بإخلاص واحتراف وإصرار». ليس كما حدث في القضية التي رفعت «بإخلاص» بشأن جدار الفصل العنصري، ودوفع عنها «باحتراف»، لكنها افتقرت إلى «الإصرار»، وتلاشت في بئر التنازلات..

ثمة أمر تحتاج إليه القيادة الفلسطينية، هو أن تستعيد «الشجاعة» التي غيّبتها مع البزّات المموّهة، وتنزع الوهن الذي أطبق على رقابها مع ربطات العنق!

هذا الإنجاز ليس نهاية المطاف، بل هو دليل على أن شعبنا قادر على تحقيق إنجازات أهمّ في ظل قيادات جريئة، حيث تبيّن أن محمود عباس يملك أوراقاً كثيرة وقوية لكنه لا يجرؤ على استخدامها؛ أي إنه «يستطيع ويخاف»، لا كما يقول بعض المستشارين إن خياراتنا محدودة ومحدّدة!

تأتي الشجاعة من خلال التماهي مع إرادة الشعب، والاقتراب منه في رغباته السياسية التحررية، ليحقق بها الإنجازات المتتالية، بدلاً من الوقوف عاجزاً أما التحديات الكبرى، ولا تخفى إنجازات شعبنا في الحرب والسلم، وفي الشدة والرخاء، وفي السراء والضراء..

لذلك نعتقد أن استثمار هذا الإنجاز يتحقق من خلال معادلات شعبنا، فالطبقة السياسية التي تدير الأمور ضاق هامش تحركها إلى حدّ دفعها إلى الخروج من ضيق هذا الهامش نحو الجانب الآخر للحدّ الفاصل؛ الجانب الذي سبب هذا الضيق. أما المجتمع المدني الفلسطيني فما زال هامشه واسعاً ومجهوده المدني مشهود له بالإنجازات، وما الانتفاضات المتكررة والمتجددة والفعاليات التضامنية مع غزة والقدس وحق العودة في أرجاء الأرض إلا من إنجازات هذا الشعب. فليأخذ الفرصة الآن من جديد، وليمسك بزمام هذا الأمر، فهي فرصة سانحة وقوية.. قوية جداً.♦

رئيس التحرير