مجلة العودة

حق العودة لا يسقط بالتقادم

 حق العودة لا يسقط بالتقادم
 
 
ابراهيم البرش - غزة

النكبة هي الاسم الذي يطلقه الفلسطينيون على تهجيرهم وهدم معظم معالم مجتمعهم السياسية والاقتصادية والحضارية عام 1948. وهي السنة التي طُرد فيها الشعب الفلسطيني من بيته وأرضه وخسر وطنه من أجل إقامة الدولة اليهودية «إسرائيل». وتشمل أحداث النكبة احتلال الحركة الصهيونية لمعظم أراضي فلسطين، وطرد 750 ألف فلسطيني وتحويلهم إلى لاجئين. كذلك تشمل أحداث النكبة عشرات المجازر والفظائع وأعمال النهب بحق الفلسطينيين، وهدم أكثر من 500 قرية وتدمير المدن الفلسطينية الرئيسية وتحويلها إلى مدن يهودية وطرد معظم القبائل البدوية التي كانت تعيش في النقب، ومحاولة تدمير الهوية الفلسطينية ومحو الأسماء الجغرافية العربية وتبديلها بأسماء عبرية وتدمير طبيعة البلاد العربية الأصلية من خلال محاولة خلق مشهد طبيعي أوروبي. وتشير الإحصائيات الفلسطينية إلى أنّ حرب الـ48 أدت إلى طرد ما يزيد على714 ألف فلسطيني عن أرضه وبيته، وبذلك عملت على تشتت الشمل الفلسطيني، حيث توزعت هذه الأعداد الضخمة في عدد من الأماكن، سواء داخل الأراضي الفلسطينية (مخيمات للاجئين في الداخل) أو هُجِّروا إلى الدول المجاورة (الأردن، لبنان، سوريا، مصر). ولم يتوقف المخطط اليهودي ضد الفلسطينيين عند عام 48، بل استمر في الأعوام اللاحقة، وفي الوقت نفسه عملت الحركة الصهيونية العالمية على إيفاد المئات من اليهود من دول العالم إلى فلسطين، حيث كانت تهدف من ذلك إلى الضغط على الوجود الفلسطيني، محاولةً رفع عدد اليهود في فلسطين، بحيث يكون لهم كيان وهيكلية تدفع الكيان الفلسطيني إلى الخارج وتطرده من وطنه. في 29 تشرين الثاني/ نوفمبر1947م، وافقت الجمعية العامة للأمم المتحدة على قرار يوصي بتقسيم فلسطين إلى دولة يهودية ودولة فلسطينية. ورحّب الصهاينة بمشروع التقسيم، بينما شعر العرب والفلسطينيون بالإجحاف. بعد قرار التقسيم، اجتمعت الدول العربية في القاهرة بين 8 و17 كانون الأول ديسمبر1947م وأعلنت أنّ تقسيم فلسطين غير قانوني وتقرر أن تضع10000 بندقية و3000 آلاف متطوع (وهو ما عُرف بجيش الإنقاذ)، بينهم500 فلسطيني ومبلغ مليون جنيه في تصرف اللجنة العسكرية الفنية. وتدفقت الجيوش العربية من مصر وسوريا والعراق وإمارة شرق الأردن على فلسطين، ونجحت القوات العربية في تحقيق انتصارات. استمرت المعارك على هذا النحو حتى تدخلت القوى الدولية وفرضت عليها هدنة تتضمن حظر تزويد أي من أطراف الصراع بالأسلحة ومحاولة التوصل إلى تسوية سلمية. لكن العصابات الصهيونية انتهزت الهدنة من أجل إعادة تجميع صفوفها والحصول على السلاح من الخارج، وبخاصة من الدول الكبرى مثل بريطانيا والولايات المتحدة التي فرضت الهدنة في البداية. وعندما استؤنفت المعارك من جديد، كان للصهاينة اليد العليا واتخذت المعارك مساراً مختلفاً وتعرضت القوات العربية لسلسلة من الهزائم واستطاعت العصابات الصهيونية المسلحة فرض سيطرتها على مساحات واسعة من أراضي فلسطين التاريخية. وانتهت المعارك بقبول العرب الهدنة الثانية التي كانت اعترافاً بالهزيمة وتدخل حرب فلسطين التاريخ العربي تحت اسم (النكبة). وإن الشعب الفلسطيني له الحق في البقاء على أرضه وتقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة ورفض كل أشكال القمع والتهجير الجماعي تنفيذاً للقوانين والمواثيق الدولية وقرارات الأمم المتحدة واتفاقية جنيف الرابعة بهذا الخصوص وخاصة (المادة 49) التي ألزمت سلطات الاحتلال المحافظة على أرض الإقليم المحتل واحتفاظه بسكانه الأصليين وعدم جواز ترحيلهم وتهجيرهم، سواء فردياً أو جماعياً، وعدم جواز استيطان الإقليم المحتل بسكان آخرين غير سكانه الأصليين مع ضمان حقهم في التنقل، وضرورة أن تعمل سلطات الاحتلال على تسهيل جمع شمل الأسر التي تعرضت للشتات بسبب الأعمال الحربية وتسهيل مهمات الجهات القائمة على الخدمات الإنسانية بهذا الخصوص، مطالباً المجتمع الدولي بالعمل على تطبيق هذه المواثيق والاتفاقيات الدولية وإجبار إسرائيل على ضرورة إنهاء احتلالها وتطبيق قرارات الأمم المتحدة المتعلقة بالاحتلال الإسرائيلي والمناطق المحتلة وتنفيذ القرار رقم (194) الخاص بحق العودة، وإدانة أي إجراء يكرس سلطة الاحتلال ويحرم المواطن حقوقه الأساسية، وتعويض كل من تضرر جراء هذا الاحتلال.  ♦