مجلة العودة

إجماع إسرائيلي على رفض حق العودة

إجماع إسرائيلي على رفض حق العودة
 
عباس إسماعيل - بيروت

حضر موضوع اللاجئين الفلسطينيين بقوة على الحلبة السياسية والإعلامية الإسرائيلية خلال الشهر الماضي، في موازاة الريح الجديدة التي هبت في الاتصالات السياسية بين رئيس الحكومة الإسرائيلية إيهود أولمرت، ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس. وتزامن هذا الأمر مع سيطرة حركة حماس على قطاع غزة واستئناف علاقات «إسرائيل» مع حكومة سلام فياض، وقبيل المؤتمر الدولي المزمع انعقاده في واشنطن في تشرين الثاني/ نوفمبر القادم. وبرز موضوع اللاجئين بشكل خاص من خلال جملة المبادرات والاقتراحات التي نُشرت في وسائل الإعلام الإسرائيلي، والرامية بحسب ادعاء أصحابها إلى إيجاد حل للصراع الإسرائيلي – الفلسطيني، بينما هي تهدف في الواقع إلى ضمان أقصى حد من المكاسب الإسرائيلية مقابل حصول الفلسطينيين على الحد الأدنى من شروط الحياة السياسية والمادية.


وبالفعل، شهدت الحلبة السياسية الإسرائيلية في الشهر الماضي ثلاثة اقتراحات أساسية لمعالجة القضايا الجوهرية للصراع، وكان القاسم المشترك الأبرز بينها هو ذاك المتعلق بقضية اللاجئين الفلسطينيين وعودتهم إلى ديارهم، وذلك على الرغم من انتماء أصحاب هذه الاقتراحات إلى اتجاهات سياسية مختلفة ومتعارضة، الأمر الذي يؤكد أنه لا خلاف بين التيارات السياسية في «إسرائيل» في مسألة حق عودة اللاجئين الفلسطينيين، وأن رفض عودتهم هو من المسائل «الإجماعية»، أي التي هي موضع إجماع، وهي بالتالي من مواد الإجماع اليهودي- الصهيوني الأساسية في «إسرائيل».
 
ترانسفير جديد

بيد أن الخطورة لا تنحصر فقط في رفض الاقتراحات تلك لفكرة ومبدأ حق العودة، بل إن الخطورة تتجاوز هذه المسألة لتطال وجود من بقي من فلسطينيي 48 داخل «إسرائيل»، وذلك من خلال السعي إلى ابتكار حل يقوم على أساس تبادل الأراضي مع الدولة الفلسطينية العتيدة من خلال ضم مستوطنات الضفة الغربية إلى «دولة إسرائيل» مقابل ضم «مناطق المثلث» الواقعة على الطرف الإسرائيلي من الخط الأخضر إلى الدولة الفلسطينية، في محاولة واضحة للتخلص من السكان الفلسطينيين الذين يسكنون تلك المناطق والذين يحملون الآن «الجنسية أو المواطنة الإسرائيلية».

هذه المسألة الخطيرة وردت في الاقتراحات الثلاثة لكن من الرئيس الإسرائيلي الحالي شمعون بيريس، ونائب رئيس الحكومة الوزير حاييم رامون، ووزير التهديدات الاستراتيجية أفيغدور ليبرمان. فاقتراح بيريس، تضمن بحسب صحيفة هآرتس، ( 8/8/2007) طرحاً لإمكانية تبادل الأراضي وسكانها بين الدولتين، شرط أن يتم تنفيذ ذلك بموافقة كل الأطراف. وفي المقابل لم تقدم خطة بيريس صيغة لحل مسألة حق العودة للاجئين الفلسطينيين، واكتفت بالتوصية لإيجاد صياغات غامضة يرتاح لها الطرفان.

في المقابل، يربط رامون بين موضوعَي اللاجئين والحدود، فهو يقترح في خطته ترسيم الحدود على أساس مسار الجدار الفاصل، وبالتالي ضم مستوطنات الضفة الغربية إلى «إسرائيل»، ويقترح تعويض الفلسطينيين عن الأراضي التي سيفقدونها في الضفة بمساحة مماثلة داخل الخط الأخضر. وهو بذلك يضرب عصفورين بحجر واحد، بحسب يديعوت أحرونوت (9/9/2007)، من جهة يضم الكتل الاستيطانية في الضفة، ومن جهة ثانية يتخلص من عشرات آلاف الفلسطينيين مواطني «إسرائيل».

ويرى رامون، وفق يديعوت، أن مسألة اللاجئين هي الأكثر تعقيداً، وينص اقتراحه على أن حق العودة يجب أن يطبق في إطار الدولة الفلسطينية، وعلى أن «إسرائيل» لن تُدخل اللاجئين إلى حدودها إلا في إطار حصة ستتحدد كبادرة إنسانية. رامون يتحدث عن ألف عائلة، ولا يمكن فصل «سخاء رامون» في هذه المسألة عن اقتراحه نقل عدد أكبر بكثير من الفلسطينيين إلى الدولة الفلسطينية.

والاقتراح الثالث، في هذا المجال، جاء في رئيس حزب «إسرائيل بيتنا»، أفيغدور ليبرمان، المعروف بمواقفه اليمينية المتطرفة والعنصرية. فقد نشرت وسائل الإعلام الإسرائيلية في الأسبوع الأول من شهر أيلول 2007، البرنامج السياسي لليبرمان، الذي رفض فيه مبدأ الأرض مقابل السلام، وشدد على ضرورة تبادل المناطق مع الفلسطينيين «والفصل بين الشعبين»، والسعي الدؤوب للحفاظ على يهودية الدولة، الأمر الذي لا يعني  رفض عودة اللاجئين الفلسطينيين فحسب، بل التخلص أيضاً من فلسطينيي 48 الذين «يشوشون» الطابع اليهودي للدولة، أو يهددون بذلك. ♦