مجلة العودة

المؤشِّرات السلبية للهجرة اليهودية تهدد مصير الوكالة اليهودية

المؤشِّرات السلبية للهجرة اليهودية تهدد مصير الوكالة اليهودية

عباس إسماعيل – بيروت

أظهرت العديد من التقارير الإعلامية الإسرائيلية تواصُل بروز مؤشرات الهجرة السلبية من قبل يهود العالم إلى «إسرائيل»، الأمر الذي يثير قلقاً إسرائيلياً متزايداً، ولا سيما في ضوء «الصراع الديموغرافي» الدائر على أرض فلسطين بين العرب واليهود، في ظل اتجاه مستمر لاختلال التوازن الديموغرافي لمصلحة العرب، والخطر المتزايد الذي يشكله هذا الأمر على «الطابع اليهودي» لـ«إسرائيل».

هذا الواقع شكّل عاملاً أساسياً وراء القرار الذي اتخذته الوكالة اليهودية التي باتت تقف على مفترق طرق، وذلك بسبب عزمها على حلّ قسم الهجرة فيها، وهو القسم الذي يتولى المسؤولية الرئيسية عن جلب اليهود إلى «إسرائيل» منذ إقامتها، الأمر الذي من شأنه أن يعرض استمرار وجودها للخطر، ولا سيما في ضوء تراجع التبرعات المالية التي تحصل عليها، ومطالبة المتبرعين لها بتغيير سلّم أولوياتها والتركيز على تعليم وتربية اليهود في الشتات بدل التركيز على تشجيع وتمويل هجرة يهود العالم إلى «إسرائيل»، بحسب هآرتس، وهو ما من شأنه لا أن ينعكس على مصير الوكالة فحسب، بل أن تكون له تداعيات ديموغرافية ومعنوية وقيمية شديدة على الداخل الإسرائيلي وعلى المشروع الصهيوني.

ويأتي قرار الوكالة المذكور على خلفية التقليص الجوهري الذي طرأ على ميزانيتها ومطالبة الجاليات اليهودية في الولايات المتحدة، التي تمول غالبية نشاطات الوكالة، التركيز أكثر على مجال تعليم وتربية اليهود في العالم، في ضوء تراجع أعداد المهاجرين اليهود من جهة، وحقيقة أن من يهاجر منهم بات يفعل ذلك من منطلق الاختيار لا الحاجة، وفق ما ذكرته هآرتس.

هذا الواقع الجديد دفع بكبار مسؤولي الوكالة إلى التحذير من مغبة أن يؤدي التغيير المنوي إدخاله إلى تعريض استمرار وجود الوكالة للخطر، من خلال فقدانها لمبرر وجودها، حيث إن الهجرة تُعتبر لبّ النشاط الرئيسي للوكالة منذ تأسيسها في عام 1929، كذراع تنفيذية للهستدروت الصهيوني العالمي.

تجدر الإشارة الى أن الوكالة اليهودية تنقسم الآن إلى ثلاثة أقسام: قسم الهجرة والاستيعاب؛ قسم التعليم اليهودي-الصهيوني الذي يستخدم برامج مختلفة في المدارس والمراكز التابعة للجاليات اليهودية في العالم؛ وقسم «إسرائيل»، المسؤول عن البرامج الاجتماعية المختلفة داخلها، ولا سيما في الجليل والنقب، حيث الوجود العربي الكثيف، بغية تهويد هاتين المنطقتين.

وبحسب التغيير المقترح لبنية الوكالة، ستتكون من قسمين: قسم «إسرائيل» وقسم العلاقة مع الشتات، على أن يُحل قسم الهجرة ويُدمج في القسمين الآخرين: شعبة الاستيعاب تُدمج في قسم «إسرائيل»، وشعبة الهجرة تُدمج في قسم التعليم الذي سيتغير اسمه ليصبح قسم الشتات.

وفي سياق متصل، كشفت صحيفة معاريف عن أن آخر المعطيات تشير إلى تراجع كبير وملموس في نسبة المهاجرين اليهود من فرنسا تحديداً. وأضافت أنه على الرغم من الفرحة التي عمت «إسرائيل» في أعقاب فوز نيكولا ساركوزي بانتخابات الرئاسة الفرنسية، باعتباره أحد أصدقاء «إسرائيل» في العالم، إلا أنه سرعان ما تبين للأوساط الإسرائيلية أن هذه الفرحة تحولت إلى نقمة بالنسبة إلى دوائر الهجرة اليهودية، على خلفية تضاؤل عدد اليهود المهاجرين من فرنسا إلى «إسرائيل».

وتشير الأرقام المسجلة في هذا المجال إلى أنه خلال الأشهر الثلاثة الأولى من هذا العام، طرأ تراجع بنسبة 42% على عدد المهاجرين اليهود من فرنسا، مقارنة بالفترة الموازية من العام الماضي. وبحسب معطيات وزارة الاستيعاب الإسرائيلية، المسؤولة عن ملف الهجرة، فإنه في حال تواصُل هذا الميل، يتوقع انخفاض عدد المهاجرين من فرنسا بصورة دراماتيكية ليصل إلى أقل من 2000 مهاجر سنوياً.

وتعزو الأوساط الإسرائيلية تراجع عدد المهاجرين اليهود من فرنسا إلى ما تُسميه «تأثير ساركوزي»، وفي هذا المجال يقول مدير بعثة الهجرة السابق في الوكالة اليهودية بفرنسا إن ثمة شعوراً بأنه بسبب وجود رئيس فرنسي متعاطف مع «إسرائيل» بشكل جلي وبسبب نشاطه ضد اللاسامية، تعزز الشعور بالأمن لدى اليهود في فرنسا، ما أدى الى تراجع الميل للهجرة.

تجدر الإشارة الى أن موجة الهجرة من فرنسا بدأت في عام 2002 بسبب ما سُمي حينها «تأثير لوبان»، على اسم المرشح اليميني المتطرف جان ماري لوبان، الذي وصل إلى الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية.

على صعيد آخر أشارت تقارير إعلامية إسرائيلية إلى فشل كل الجهود التي تبذلها وزارة الاستيعاب لحث ودفع اليهود الذين قدموا من دول الاتحاد السوفياتي السابق إلى فلسطين المحتلة، ثم غادروها عائدين إلى بلادهم، الأمر الذي دفع مسؤولي الوزارة إلى التفكير بطرق أُخرى لاستعادة هؤلاء يقوم على «التوجه إلى الجيب لا إلى المشاعر»، بمعنى تقديم وسائل الإغراء المادية بعدما تبيّن عدم تاثير التركيز على الجانب الحسي والعاطفي. وبحسب معطيات وزارة الاستيعاب يبلغ عدد هؤلاء نحو 100 ألف شخص.